الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رفع “مناهم” نظارته الشمسية وعيونه تصطدم بأشعة الشمس الحارقة في هذه الأيام من بداية اول موسم صيف بعد نهاية حظر التجول في سنة الرحمة الثانية. لم يتعود على أشعة الشمس في بلاد العرب لكونه قادم من دولة متوسطية صغيرة جداً، وأجداده مهاجرون من بولندا لذلك لم يألف شمساً كهذه في حياته.
كذلك لم يكن مناهم يعلم أن شريكه “راشد” يبيت له النية للاحتفال بالشحنة رقم 100 الف لشركتهم المتناهية في الصغر، حيث احضر كعكة كبيرة مكتوب عليه الرقم 100K بخط واضح وأنيق. حيث وصل مناهم المستودع غافلاً وهو يغني ترانيماً بلغة شرقية قديمة، وتفاجىء عندما وجد النور يفتح بكامل طاقته مرة واحدة كما هي مشاهد اعياد الميلاد في افلام السبعينات.
انتهى الاحتفال بأغاني مشتركة بين الشعبين، اندمجت بها اللغة القديمة مع لهجة الجبل العربية في مزيج ثقافي مفتعل. وبعدها عاد الجميع إلى مقر عمله بكل احترافيه، حيث أعاد مناهم تصفيف شعره الاشقر، وهم بالدخول إلى مكتب “راشد” الفخم ليجد عنده شاباً طويل القامة يراه لأول مرة، نظراته تشع بالذكاء، وتقاسيم وجهه تقول إنه شرقي، وتحديداً سعودي!.
لم يكن الاجتماع مبشراً لمناهم، فالشاب السعودي “زيد” هذا، مختلف عن كل ممثلي الشركات من آسيويين وعرب يمثلون القارتين، لأن زيد يتكلم بلهجة قوية، ويطرح أسئلة لم يعتادوا عليها طوال الأشهر الماضية من عملهم سوياً مع الشركات السعودية، فكانت أسئلة “زيد” تتمحور حول إجراءات “إعادة التصدير” وعن مدى مصداقية كلمة “صنع في جبل علي” حيث رأي بأم عينه الملصقات وهي تلصق بعد ازالة ملصقات الصناعة المثبتة في بلد المنشأ!
وكعادته ذهب “مناهم” بالحوار نحو طرح الكرت الرابح الاخير كما اعتاد في كل صفقة، الا وهو كرت الرشوة القذر، فوجد الرد في هيئة نظرة رفض نارية من الشاب السعودي زيد، فترنح “مناهم” من هول الصدمة وكاد أن يسقط بحركة عصبية لأن هذا الرفض معناه خسارة ملايين الدولارات، وحين سقوطه أمسكه زيد بمعصمه القوي، وأنقذ جسده النحيل من السقوط، وهو ينظر إليه بتهكم قائلاً: ما رايك يا مناهم، هل سأفضْل مالك القذر ومصالح جبلك، ام سأفضل وطني ومستقبل أبنائي!! قريباً لن اضطر أن اقابل وجوهكم، ورصيفي الرطب والجاف سيجلب لوطني كل ما يريد دون اعاداتكم وملصقاتكم!!.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال