اقتصاديات صناعة العطور

منذ ( العصور الحجرية ) عرف الانسان النباتات العطرية الطبيعية حيث كان يستخدمها بداية ولايزال كما هي دون ادخال اي صناعات لاستخراج عطرها مثل الزهور والريحان واكليل الجبل والزعتر وغيرها .. تشير المصادر التاريخية الى ان اول عمليات التصنيع كانت لرجل كيميائي قام باستخراج العطر الأول باستعمال نبات المرو Maerua و الزيوت و الزهور في بلاد ما بين النهرين البابلية ( حضارة بلاد الرافدين والتي يعود تاريخها إلى 10,000 سنة قبل الميلاد ). كما عرفت العطور في عصر حضارة الفراعنة في مصر منذ 4000 عام قبل الميلاد ، وقد صنع أول عطر للاستخدام الشخصي حصريا لملكة المجر إليزابيث في القرن الثاني عشر و أصبح معروفًا في جميع أنحاء أوروبا باسم هنغاريا ووتر.

لطالما ارتبطت العطور بعاطفة وجاذبية الشخوص والأمكنة والازمنة وعدّها الكثير ايقونة للفرح والبهجة حيث تتشكل اهميتها من خلالها المناسبات والاعياد والمواقف والذكريات ، من هنا فهي بالنسبة للكثير احد اهم السلع الكمالية كما انها ترتبط بالهوية السعودية كرمز للكرم والجود فبخور العود احد اهم متطلبات الضيافة والهدايا .

يبلغ حجم سوق العطور في دول الخليج العربي نحو 2.7 مليار دولار ، وتتسارع قيمة سوق العطور عالميا حيث وصلت إلى حوالي 53 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمتها 72 مليار دولار بحلول عام 2024 وتشير التقارير الى ان المملكة تتمتع بأعلى حصة من سوق العطور في الخليج بنحو 60% تليها الإمارات بـ 22%، الكويت ثم عُمان ويعتبر إنفاق الفرد على العطور في الخليج من أعلى المعدلات عالمياً، فقد بلغ 67 دولاراً.

المملكة بمساحتها الشاسعة والمتباينة وتنوع مناخها وتضاريسها، تنمو فيها آلاف من النباتات العطرية الطبيعية كالخزامى والشيح واللافندر ، كما نجد أن زراعة اجود انواع الورد مثلا تتركز في الطائف في حين نجد زراعة الفل والكادي والياسمين والعطرة والنعناع وأنواع الرياحين المختلفة تشتهر بها منطقة المدينة المنورة وجازان وعسير والباحة وغيرها من مناطق المملكة كما تعد تبوك من اكبر المنتجين للزهور والتي وصلت بكل كفاءة للاسواق العالمية.

اقتصاديات صناعة العطور من الاسواق الواعدة في المملكة حيث يصل معدل اجمالي انفاق السعوديين على العطور ما قيمته ٦.٤ مليار ريال خلال عام واحد وعليه فإن الفرص واسعة امام القطاع الخاص والمستثمرين ناهيك عن ارتباط هذه الصناعة بالمنتجات التحويلية و الطبية وبرامج ريادة الاعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

مجمل القول : العطر قصة عشق لا تنتهي شغف الحاضر وزوايا من عبق الماضي الذي لا يُنسى ويقال بأن ارشيف العقل لديه قدرة في استرجاع وتحفيز الذكريات ومواقفها ضمن الادراك الحسي للانسان هذا على مستوى الاستهلاك اما على مستوى الانتاج فإن لاقتصاديات العطور ابعاداً استثمارية واعدة ، ذلك انها احد اهم الصناعات التي ستدعم النمو الاقتصادي كما انها توفر ايضاً خلقاً للوظائف وفرصاً جديدة للاسر المنتجة عندما تقوم بصناعة واعداد الخلطات والبخور التراثية وهذا يشكل اتجاهاً مهماً لتعزيز هذه الصناعة فالمملكة لديها ممكنات مهمة لتنمية هذا القطاع سواء كان ذلك من خلال استغلال الموارد الطبيعية او التوسع في انشاء المصانع العطرية ونتطلع الى تحقيق ميزة تنافسية في الانتاج والتسويق الكفؤ تحت مُنتج ( عطرك سعودي ).