الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كما يعرف معظمنا اللجوء إلى أساليب أخرى لحل النزاعات القانونية بعيد عن أروقة المحاكم كالتحكيم أو الوساطة لها العديد من الإيجابيات مثل تقليل التكلفة والسرعة والمحافظة على السرية والحرية للأطراف في اختيار الخبراء ومنح مساحة من الحرية للأطراف في رسم وتحديد الإجراءات وغيرها من الميزات مقارنة لو اتجه الأطراف إلى المحكمة لتفصل بينهم. ولكن مع كل هذا قد لا يكون ذلك كافياً لتلبية ما يريده الأطراف. فعلى الرغم من كون قرار التحكيم ملزماً ولكن في التحكيم يفقد طرفي النزاع الحرية في النقاش وشرح وجهات النظر بشكل خاص مع المحكم بالمقارنة مثلاً لو اختار الأطراف وسيلة أخرى كالوساطة. ويمكن القول ذات الشيء عن الوساطة حيث قد تفشل محاولات ومساعي الوسيط في تجميع آراء أطراف النزاع دون التوصل إلى أي نتيجة, وفي النهاية قرار الوسيط يظل غير ملزمًا. فالسؤال الآن هل بالإمكان الجمع بين تلك الوسيلتين بمنح المساحة والحرية للأطراف عن طريق ماتقدمه الوساطة وبنفس الوقت إمكانية تحول نفس الشخص “الوسيط” إلى محكماً ويكون قراره ملزماً لطرفي النزاع في حالة لم تنجح الوساطة؟ .
نعم, بالإمكان القيام بذلك حيث بدأت بعض الأنظمة القانونية باللجوء إلى ما يسمى اختصارًا Med-Arb وذلك في أن يتحول الوسيط وهو في أغلب الأحوال نفس الشخص “الوسيط” إلى محكماً قادراً على أن يحكم في نفس الجلسة-حسب سهولة وحيثيات كل قضية-. فهذا الأسلوب عن طريق الجمع بين الوساطة والتحكيم هو أسلوب قانوني حديث إلى حد ما ومحاولةً للمزج بين أفضل مافي التحكيم والوساطة, حيث تكفل للأطراف أن يكون هناك قراراً ينهي النزاع في نهاية المطاف. فيتفق الطرفان على الآلية بشكل مسبق وعلى أن حكم الوسيط أو في حالة تحوله إلى محكماً سيكون ملزماً في حال الوصول لتلك المرحلة. فهذا المزيج بين التحكيم والوساطة بدأت معظم الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم باللجوء له بالذات في اليابان حيث يختصر الكثير من الوقت والمال عوضًا عن اللجوء إلى كل وسيلة على حدا أو البدء في إجراءات التحكيم من جديد في حالة فشلت الوساطة وضرورة تعريف الشخص الجديد “المحكم” بحيثيات القضية.
وعلى الرغم من الكثير من الإيجابيات لمثل هذا الأسلوب البديل في حل النزاعات بين الأطراف إلان ان هناك البعض ممن ينتقد Med-Arb بالذات في حالة انتقال مرحلة النزاع إلى التحكيم حيث قد يكون المحكم متأثراً بما اطلع عليه من الأطراف بشكل خاص عند قيامه بالوساطة. ولهذا يرى البعض قد يخالط قرار -كمحكماً- بناء على ما اكتشفه أثناء مرحلة الوساطة وليس فقط بناءً على وقائع النزاع المعروضة عليه. ولهذا يرى البعض ان موقف الأطراف قد يكون أقل انفتاحاً خلال مرحلة الوساطة لاحتمالية تحول النزاع إلى التحكيم.
ورغم بعض الملاحظات على أسلوب المزج بين الوساطة والتحكيم إلا هناك الكثير من الإيجابيات بوجود نفس الشخص بصفتين محكماً ووسيطاً يعجل بحل النزاع ويضمن ان ينهي الأطراف خلافهم بشكل أسرع. ولتلافي مثلًا مسألة حيادية المحكم لعل التوجه الأسترالي قد يكون مناسبًا في منح كل طرف خلال مفاوضة على اتفاق Med-Arb الحق في اختيار شخص آخر محكماً في حال وصلت إلى مرحلة التحكيم. أي يكون شخص آخر محكمًا غير من تدخل كوسيط وذلك سيوفر مرحلة المناقشة والمفاوضة من جديد على مسألة التحكيم وأن يكون شخص جديد ينظر للنزاع بأعين جديدة. وختاماً أسلوب Med-Arb عن طريق الجمع بين الوساطة والتحكيم أراها قد تخدم الواقع السعودي للجوء إلى مثل هذه الوسائل بالذات للشركات السعودية المتوسطة والصغيرة حتى لا يكون هناك تكرار في إعادة الإجراءات ومناقشتها مرة أخرى فضلًا من اختصار الوقت والمال عوضًا عن اللجوء إلى كل وسيلة على حدا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال