الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وأنا أستعرض بعض الدراسات التابعة لمؤسسة ماكنزي للاستشارات الإدارية، لفت انتباهي دراسة هامة حول رؤية المدراء التنفيذيين حول العمل الهجين في المستقبل. ونظام العمل الهجين أو Hybrid work لمن لم يعرفه؛ هو أن تتكون فرق العمل من مزيج بين موظفين يعملون عن بعد، وآخرين يعملون في أماكن العمل.
هذا المزيج من فرق العمل أصبح واقعا ملموسا في الكثير من المنشآت منذ بداية جائحة كورونا، والحقيقة أنه حتى بعد انحسار التخوفات والبدء في الإجراءات الوقائية مثل إنتاج اللقاح؛ أثبت هذا النموذج من العمل للعديد من المنشآت مدى فائدته وقيمته على سير العمل والتكاليف واستقطاب المواهب، وغيرها من العناصر، التي جعلت تسعة من أصل عشرة منشآت تتخذ من نظام العمل الهجين أسلوبا مستمرا بعد انتهاء الجائحة، هذه النسبة التي خلُصت إليها دراسة ماكنزي الحديثة، والتي شملت مائة مدير تنفيذي من مختلف الصناعات والمناطق الجغرافية.
قبل جائحة كورونا، كانت معظم المنشآت لا تعتمد نظام العمل عن بعد؛ لكن بعد الجائحة أصبحت المنشآت تعتمد نظام العمل عن بعد في فِرقْ عملها بنسبة تتعدى 50% سواء في عدد الموظفين العاملين عن بعد أو عدد الأيام التي يعملون فيها عن بعد، وهذا يجعلنا نتطرق إلى عوامل التحسّن الذي شهدته المنشآت عند العمل بنظام العمل عن بعد أثناء الجائحة، حيث أفاد 58% من المديرين التنفيذيين أن هناك تحسّن في الإنتاجية الفردية للموظفين، كذلك 49% منهم أقروا بتحسّن إنتاجية الفريق ككل، بخلاف التحسّن في مشاركة الموظفين وارتباطهم بالمنشأة، وانعكاس ذلك على رضا العملاء.
وبالطبع كان هناك انعكاسا على أداء وإنتاجية المديرين أثناء متابعة فرق العمل التي تعمل خارج المكتب؛ فالإدارة عن بعد بالتأكيد تختلف عن إدارة جميع الموظفين في مكان العمل، لذا لا بد على المنشآت للتأكد من تحقيق أفضل أداء، أن تقوم بتثقيف المديرين حول مدى التأثيرات الإيجابية أو السلبية التي تحدث من قِبَلهم على الموظفين العاملين عن بعد، وكيف يمكن للمديرين أن يقوموا بنشر روح التعاطف مع فرق عملهم، وكيف يمكن لهم التقليل من تأثير الجوانب السلبية التي يُمكن أن تحدث بسبب نظام العمل الهجين، من خلال تنمية بعض المهارات التي تتطلبها الإدارة عن بعد. كذلك بالعمل على تطوير طريقة الإدارة والعمليات التي يقوم بها المدراء؛ يمكن أن تحقق كل منشأة نموذج عمل هجين مثالي لها، وذلك من خلال التجربة والتكرار والتعديل على تلك العمليات.
عملية التوظيف في المنشآت كانت من ضمن العناصر التي تأثرت بشكل كبير بسبب العمل المختلط أو الهجين، حيث أعاد أكثر من 40% من قادة الأعمال الذين تأثروا إيجابيا بهذا النظام من العمل، تصميم عملية التوظيف كاملة في منشآتهم، كما أعادت ما يقرب من ثلثي المنشآت تقييم الأدوار التي تقوم بها المواهب في المنشأة، ومطابقتها مع أولويات العمل، مما ساعد في تحسين الإنتاجية أكثر.
بشكل عام؛ توضح الدراسة أن العمل الهجين Hybrid work له من التأثيرات الإيجابية أكثر من التأثيرات السلبية، وذلك يعتمد على مدى تحفيز المنشآت لمدراءها على عدم التقاعس وزيادة إنتاجيتهم وتواصلهم مع فرق العمل التي تعمل عن بعد، ولكن يبقى التساؤل؛ هل سيُصبح هذا النموذج من العمل هو ما يتميز به مستقبل العمل في المنشآت بشكل دائم، خاصة في المنشآت السعودية أم لا؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال