المنح التجارية-عقود الفرنشايز (2-3)

بعدما تكلمنا في المقالة السابقة عن ثلاثة ركائز في المنح التجارية ألا وهي القيمة الفريدة في المنتج، ووجود نظام متكامل، وجاهزية الدليل التشغيلي، فسنستعرض  في هذه المقالة عن بعض الجوانب المتبقية والتي من المهم مراعاتها. إن أحد أهم المعايير في تمييز المنتجات وطريقة المحافظة على جودتها هو التحكم في انتقائية الموردين للمواد المستخدمة فعلى سبيل المثال اختيار نوع الخبز وطريقة تحميصه والمورد (الموافق عليه) يرفع من مستوى جودة ونجاح هذه العقود. لك أن تتخيل أن توقع عقد كمانح لمطعم متخصص في البيتزا وتختار نوعية جبن معين من مورد إيطالي تتناسب مع فلسفة العلامة والمنتج، لكن الشخص الممنوح له سعى بتوفير التكلفة واتفق مع مورد آخر لنوعية جبنة تختلف نوعاً ما، فالعميل سيلاحظ الفرق في الطعم مما يجعل الممنوح له في تفضيل على المانح وقد يحدث الضرر على المانح أكثر. فلذلك توحيد الموردين والاتفاق على معايير واضحة في الاختيار تقلل الفجوات والاختلافات الإدارية والمالية.

اللمحة الأخرى، هي عن رسوم حقوق الملكية Royalty Fee وعادة ما تتراوح ما تُبنى على إجمالي الإيرادات وبعضهم على صافي الإيرادات والآخر على الأرباح التشغيلية وبعضهم على صافي الربح، وهكذا تختلف المدارس ووجهات النظر والمهم هو أن نعرف على أيها نختار؟ وكم النسبة؟ هل 3% أو 5% أو 10%؟ ولماذا؟ كلها تساؤلات تحتاج لإجابة حتى تنجح. وكيف نتأكد من صحة أرقام المقدمة من الممنوح له! ولذلك ذكرت في مقالتي السابقة أهمية وجود نظام POS ونظام ERP  يساعدان الطرفين في تقديم تقارير متينة ودقيقة. بعض الشركات العالمية أصبحت إيراداتها العالمية من عقود الفرنشايز الموزعة في كل أنحاء العالم أكبر من إيراداتها ذاتية التشغيل، ولو تقرأ في قوائمها المالية تجد مثلاً الشركة الأم لا تدير إلا بضعة فروع في الوقت الحالي، ولكنها مانحة لالآف الفروع فتحولت من تشغيلية لمطاعمها إلى إدارية لعقودها.

ومن العوامل التي عادة تراعى في هذه العقود، هو رسوم التسويق واستخدام الشعارات وطريقة التسويق، فما يكون مقبولاً لديك قد لا يقبل عند غيرك. طريقة الألوان والتصميم والدعاية عوامل كلها مؤثرة على سمعة الطرفين فلذلك الاتفاق على آلية محددة مهم جداً للنجاح. دعاية واحدة من أحد الممنوحين لهم قد يؤثر على كل الفروع لأن المشتري في النهاية لا يعرف هل هذا الموزع/الفرع مانح أو ممنوح له؟ وأذكر أحدهم وقع عقد فرنشايز ولم يؤمن بأن آلية التسويق مهم الاتفاق عليها، فتفاجئ بأحد الممنوحين له أخرج مقطع دعائي لمنتجه من خلال فيديو بخلفية صوتية “شيلات” فغضب المانح لإيمانه بأن ذلك المقطع لا يتناسب مع المنتجات المطروحة! فمن الحلول أحياناً الموافقة المسبقة من المانح أو الاتفاق بالعقد على جزئيات التسويق. هل سعر البيع يمكن أن يختلف باختلاف الممنوح له؟ هل التوحيد فيها أفضل؟

إن التدريب الفني والبشري مهم لاستمراية الجودة والتأكد من مطابقة المعايير الفنية والصحية والتشغيلية. بعض هذه العقود تتيح مجالاً للشركة المانحة بالزيارات التفتيشية والمراجعة لآليات العمل ومدى توافقها وينشأ عنها اجتماعات دائمة وبشكل ثابت. وبدون التدريبات والمراجعات الدورية فإن الاختلافات في الجودة تزداد مع الزمن مما يعقد العمليات التصحيحية. 

نكمل هذه السلسلة في الأيام القادمة بإذن الله، 

ودمتم بود وسعادة،