الهوية القانونية لرواد الأعمال

انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من المشاريع الريادية والمُلقب أصحابها بـ (رواد الأعمال) والحمد لله الذي سخر لهم المملكة العربية السعودية وطنًا يدعم المشاريع ويقدم عبر جهات مختصة حلول ومساعدات تجعل من هذه المشاريع صرح تجاري واقتصادي ضخم في حال تمكن أصحابها من استثمار الفرص والمساعدات المقدمة لهم.

ومن أهم أسباب نجاح المشاريع الريادية وتقليل حجم المخاطر والتعثر بسبب الأوضاع الاقتصادية والأزمات مثل جائحة (كورونا) اختيار الهوية القانونية المناسبة للمشروع وهنا يجب على رائد الأعمال الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص وهم (القانونيين) ولا تقل الحاجة لهم عن بقية المهن الأخرى من المحاسبين والمهندسين وغيرهم.

السؤال هو، ماهي الهوية القانونية لرائد الأعمال؟ الهوية القانونية لرائد الأعمال هي الشكل القانوني للمشروع والذي يتمثل في نوع الشركة التي يمارس من خلالها رائد الأعمال مشروعه الخاص أو أعماله المهنية ولا يخفى على الكثير بأن رواد الأعمال قليل منهم يفضل تأسيس شركة في بداية مشواره الريادي ويلجأ الكثير إلى إنشاء مؤسسة فردية وتختلف بطبيعة الحال عن الشركة وما يندرج تحتها من أنواع فالمؤسسة وفق للنظام والتعاميم الصادرة من الجهات المختصة هي مؤسسة فردية مرتبطة ذمتها المالية بذمة صاحبها (المالك) ويكون الأخير مسؤول في أمواله الخاصة عن ديون المؤسسة والالتزامات المالية المترتبة عليها فلا تعتقد عزيز رائد الأعمال بأنك قد أحسنت الاختيار عندما قمت بإنشاء مؤسسة فردية معتقدًا أنه لا يوجد مخاطر في ذلك.

لذلك يجب عليك أن تفكر أولًا في اختيار المستشار الكفء والذي سوف يقوم بمساعدتك لاختيار الهوية القانونية المناسبة لك مع شرح تفاصيل كل شكل من الأشكال الخاصة بالشركات سواء كانت شركة تضامنية وهي لا تختلف عن المؤسسة الفردية كثيرًا بسبب التشابه في الذمة المالية حيث يكون الشريك في الشركة التضامنية مسؤول عن ديون الشركة والتزاماتها في أمواله الخاصة ومن خصائص الشركة التضامنية عدم قابلية تداول حصص الشركاء بالبيع أو إحلال شريك أخر إلا بعد موافقة بقية الشركاء وتنقضي شركة التضامن وتُحل بوفاة أحد الشركاء أو بالحجر عليه، أو بشهر إفلاسه أو إعساره أو انسحابه من الشركة، ويمكن أن تستمر الشركة في حالة أن عقد الشركة نص على استمرارها في وجود الحالات السابقة.

وننطلق بعد ذلك إلى شركة التوصية البسيطة والتي تتكون من فريقين من الشركاء فريق يضم على الأقل شريكًا متضامنًا مسؤولًا في جميع أمواله عن ديون الشركة، وفريق آخر يضم على الأقل شريكًا موصيًا مسؤولًا عن ديون الشركة بقدر حصته في رأس المال ومن وجهة نظري الشخصية والمهنية لا أنصح رواد الأعمال باللجوء إلى مثل هذه الشركات السابق ذكرها (التضامن والتوصية البسيطة) والأفضل أن يقع الاختيار بين شركة المساهمة وشركة المسؤولية المحدودة حيث تتشابه خصائص الشركتان في أن الشريك غير مسؤول عن ديون والتزامات الشركة إلا بمقدار حصته في رأس المال وهذا يوضح حماية النظام لأموال الشريك الخاصة إلا في حالات استثنائية حددها النظام تتمثل في التقصير والتعدي.

رسالتي لك عزيزي رائد الأعمال أوصيك بأن تحسن دراسة مشروعك بشكل مهني مكتمل الأركان حتى تتجنب كثير من المخاطر والعوائق التي قد تواجهك مستقبلًا ولابد أن تعلم بأن لكل عمل خواطر وعوائق قادمة لا محالة ولكن من يحسن التصرف مسبقًا سوف ينجح في تجاوز العاصفة والوصول لبر الأمان مهما جرت به الرياح عن يمينه وعن شماله والنظام وضع ليحمي كافة شرائح المجتمع وأنت جزء من هذا المجتمع وقد شرع النظام جميع ما تحتاجه من أدوات حتى تمارس أعمالك ومشاريعك الريادية وكما أوضحت لك سابقًا اختيار الهوية القانونية يكون وفق الاستشارة المقدمة لك من المختص قانونيًا وبطبيعة الحال سوف تكون الاستشارة بناء على قدرتك المالية وعدد الشركاء الذين يرغبون بالانضمام إليك أو حتى إن كنت بمفردك وليس عليك الاكتفاء بحديث المستشار جملة واحدة بل عليك النقاش والاستعلام عن كل نقطة في الاستشارة المقدمة لك حتى تتضح لك صورة الهوية القانونية التي سوف تكون واجهة لأعمالك ومشروعك الخاص.

بعد ذلك في الختام أنوه عن إمكانية الاطلاع على الأنظمة والتشريعات ذات العلاقة بالأعمال التجارية والمشاريع ونشكر الله عز وجل أن جعل حكومتنا الرشيدة تُسهل عملية الوصول إلى الأنظمة والتشريعات بكل سهولة ويسر عن طريق الهاتف المحمول أو الكمبيوتر الشخصي أو حتى طلب النسخة الورقية من فروع الجهات المختصة وهذه كما أشرنا سابقًا من ضمن الحلول والمساعدات التي قدمتها الدولة حفظها الله ورعاها للمجتمع والأفراد.