3666 144 055
[email protected]
من قديم الزمن والعقود تتطور بتطور الدول، وتقسم بتقسيمات مختلفة كالعقود المسماة والعقود غير المسماة، ويقصد القانونين بهذا التقسيم أن العقود المسماة هي التي تنظم بقواعد خاصة بها؛ كعقد العمل. أما غير المسماة فهي التي لا يوجد لها تنظيم في القانون؛ كالعقد الذي يُبرم بين بين المصور والرسام، ولأن هناك الكثير من العقود غير المسماة صالحة لأن تنظم فتصبح عقودًا مسماة، تتجه بعض التشريعات الحديثة لهذا المسار وسلك هذا الطريق في التسمية، تيسيراً وتسهيلاً على الناس وتوحيداً للقوانين.
ولقد لاحظنا في الفترة الماضية إطلاق خدمة العقود النموذجية والتي تهدف الى حفظ حقوق الأطراف المتعاقدة ورفع جودة الإعمار والحد من تعثر مشاريع البناء. من قبل هيئة المقاولين، جاءت كمبادرة قانونية اجتماعية للحد من نزاعات العملاء مع الموردين، ولمساندة الطرفين في توحيد الأعراف في العقود وتثبيتها، ودفع الريبة والشك عن كل بند في عقد يتم التنازع فيه.
والعقود النموذجية تسمى في بعض الدول العقود الموحدة وتسمى أحيانًا بعقود التنميط لأن لها نمطًا خاصًا واحدًا لا يتغير فيه سوى البيانات الأساسية (الاسم والقيمة والمكان والألوان..).
وبعض القانونيين يجتهد فيجعلها من عقود الإذعان (إقبل العقد كما هو أو اتركه كما هو) ولكن الحقيقة أنها ليست إذعان، لأنها أتت بموافقة الطرفين و لصالح الطرفين وبرضاهما.
وانتشرت هذا العقود النموذجية بين الدول والمجتمعات خصوصًا في أمور المعاملات المتكررة وقد قدر بعض الباحثين أن الصيغ الموحدة الجاهزة في العقود تغطي نحو 99% من التعاقدات التي تجري في البلاد الغربية, أما العقود المركبة والمعقدة والمخصصة لمشاريع خاصة وذات طابع دقيق, فهي التي يقوم بها المحامين وتستدعي شكلًا مفصلًا لابد فيه من المستشارين.
وعليه فمن البديهي أن ما تقوم به بعض الجهات من وضع عقود موحدة ونموذجية وملزمة في بعض الأحيان, أمر صحي يختصر الوقت والجهد, وتجعل العلاقات التعاقدية مطمئنة بين الأفراد, كما أنها تشعر الجميع بالعدالة حيث أنها صيغت من أطراف محايدين ومن خارج الدائرة، بحثوا عن مصلحة الجميع دون إفراط ولا تفريط.
ولقد لاحظنا في عملنا القانوني أن بعض الأفراد خصوصًا في عقود الإنشاءات والتشغيل يحظى بامتيازات أفضل من غيره وبعضهم يناله من الظلم الكثير, وكل ذلك بسبب قدرة بعضهم على التفاوض القانوني وضعف بعضهم في ذلك.
وهذه العقود النموذجية أيسر في الفهم، وتثبيت الحقوق، وتقلل الوقوع في الأخطاء التي بسببها تنشأ النزاعات وتمتلئ بها المحاكم وتتعثر بها المشاريع, لأسباب لو تم معالجتها في العقد لحفظت وقت الأطراف والمؤسسات والمحاكم، والعقد هو (كتالوج) أي عمل ومشروع إذا صيغ بشكل جيد أسعد الجميع وقلل الخلاف، وغدا مرجعاً لا يخيّب الطرفين.
و من المهم أن تكون هذه العقود – الموحدة- سهلة ومختصرة وواضحة العبارة والمعالم حتى تكون في متناول الجميع وفي فهم الجميع, ويمكن قراءتها بوقت وجيز دون صعوبة, حيث أن غالبية من يبرم العقود من هذا النوع يبرمها في وقت ضيق, و بمكان صاحب المؤسسة والمقاول, الأمر الذي يصعب معه الاستمهال أو التأجيل كما هي عادة البيوع الفورية, وعقود المطابخ والمسابح وأنظمة مكافحة الحريق وتركيب الأبواب وتركيب النوافذ وغير ذلك مما شملته مبادرة هيئة المقاولين كلها على هذا النحو.
أما تخوف بعض المختصين من المحامين والمستشارين من أن هذه العقود ربما تقلل من فرصهم فما هو إلا تحوفٌ مبالغٌ فيه، حيث أن هذه العقود تشبه بعملها عقود المعاطاة في القديم والحديث والتي لازالت مستمرة ولم تقلل من فرص أحد، كما أن الواقع يقول أنه كلما زادت فرص التعاقد تسارعت البيوع والصفقات والتي معه يزداد العمل القانوني لدى المكاتب الاستشارية ويتضاعف بما يتفرع من ذلك من أعمال أخرى نرجو أن لا يكون من بينها النزاع القضائي.
كما أن موجة العقود الموحدة ما هي إلا مقدمات لما هو أكبر من ذلك في المستقبل القريب من منافسة الذكاء الإصطناعي والبرامج التقنية المختلفة التي ستدور رحاها حول هذه العقود التي يسهل قولبتها وتغليفها وتوفيرها على الرفوف كما توفر أي سلعة إستهلاكية أخرى.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734