الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إكمالًا لمقال الأسبوع قبل الماضي (المقال هنا)، حصل أن بريق الثورة الصناعية الأمريكية بدأ بالأفول بعد قرار الزعيم الصيني “دنغ شياو بينغ” في مطلع الثمانينيات ميلادية لبناء قاعدة تكنولوجية وصناعية قوية، وكما فعلت الولايات المتحدة كانت مرتبطة بالأمن القومي الصيني وما زالت، مما تطلب تطوير نهجاً جديداً في الثقافة الاقتصادية الصينية باستخدام استثمارات كبيرة في شركات البحث التكنولوجي والصناعي، وفتح البلاد لجذب الاستثمارات خاصة الصناعية و بمغريات لا تقاوم، والإنفاق على بناء قوة عاملة ماهرة من خلال تمويل الطلاب الصينيين للدراسة في الجامعات الغربية، والانخراط في التجسس التكنولوجي والصناعي، مما صاغ ما نراه اليوم في الصين والذي يهدد القيادة الاقتصادية للولايات المتحدة ومن ورائها التأثير على القيادة السياسية كتحصيل حاصل، خاصة مع قرب اكتمال طرق تجارتها الاستراتيجية وإغراق الكثير من الدول النامية في القروض الصينية.
ولكن هل ستسمح الولايات المتحدة للتنين الصيني أن يأخذ مكانها؟
بعد انغماس الولايات المتحدة في فتح جبهات نزاع في عدة مناطق في العالم مما كلفها الكثير جدا، تجلي خطر فقدان الموقع الريادي بسبب ظهور المنافس الصيني الشرس، فقررت الولايات المتحدة قبيل عام 2018 في إعادة تشخيص وضعها للعمل على إعادة التأكيد على تملك مفاتيح الريادة من جديد، وأول ما اعترفت به هو وجود حالة انفصال بين وزارة الدفاع – المعتبر المُمَكِّن الأمريكي – ومراكز الابتكار مثل وادي “السيليكون” وغيرها من مراكز الاشعاع الابتكاري في “بوسطن” و “نيويورك” و “تكساس”، بسبب استحالة عمل الوزارة في ظل الظروف الجديدة بعقليتها القديمة التي استحوذت عليها البيروقراطية البالية، مما تسبب في عدم قدرتها في التوسع في دعم البحث العلمي ودعم المبتكرين التي فيها الكثير من المجازفات المكلفة.
كما أنها صُدمت بحقيقة عدم رغبة الكثير من روّاد الأعمال في أمريكا في إضاعة وقتهم في ملء نماذج طلب الدعم والانتظار ربما شهورا لاتخاذ وزارة الدفاع قرارا بخصوص طلباتهم، بينما في عالم رأس المال المغامر يمكن إتمام الصفقات في أيام أو أسابيع قليلة، وهذا يعني احتمالية تجفيف بحيرة الابتكارات والروّاد الأمريكية مع مرور الوقت لصالح المنافسين.
ومن ضمن الحوادث الهامة في هذا الخصوص، كانت حادثة مبتكر وصاحب منشآة ناشئة أمريكي في مجال تقنيات الاستشعار بالذكاء الاصطناعي العميق للمركبات الجوية بدون طيار لحظة مفصلية لبعض المسئولين الذين اعتبروها حالة تمس عمق الأمن القومي الأمريكي، حيث عانى هذا المبتكر من البيروقراطية الأمريكية بينما عرض مستثمر صيني – خلال اجتماعا واحدا لم يستغرق كثيرا – مبلغ استحواذ نسبة في ملكية مشروع الريادي الأمريكي بقيمة 10 ملايين دولار نقدا بمجرد نقل المشروع إلى الصين.
ماذا قررت الولايات المتحدة في إعادة تأهيل قاعدة الابتكارات و بثقافة ابتكارية نوعية، هو ما سنتعرف عليه في مقالة الأسبوع القادم بمشيئة الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال