الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقال هذا الأسبوع، وتتميماً لمقال الأسبوع الماضي (المقال هنا) والذي قبله (المقال هنا) حول منظومة الصناعة الابتكارية في الولايات المتحدة والتحدي الذي يواجهها، سنتعرف على كيفية تعامل الولايات المتحدة مع ملف إعادة تأهيل قاعدة الابتكارات فيها و بثقافة ابتكارية نوعية.
بعد تشخيص دقيق للوضع القائم والمناقشة بكل شفافية، وأمام تحدي سيطرة النهج البيروقراطي لفترة طويلة الذي يركز على الدقة الصارمة وتقليل المخاطر قبل أي شيء آخر وهو مالا يتوافق البتة مع أبجديات خلق بيئة ابتكارية وريادة أعمال، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بإعادة تقييم أولويات التمويل، مع إعادة رسم قواعد ثقافة قبول المزيد من المخاطر، وإنشاء أدوات تعاقدية جديدة تماما لأنشطة البحث والنماذج الأولية التي لا تخضع للوائح المعمول بها والتي تحكم عقود الشراء التقليدية، بحيث لا تتعدى الارشادات النظامية لهذه الأدوات الجديدة أكثر من 100 صفحة، مقارنة بما يقرب من 5000 صفحة للإرشادات التنظيمية البيروقراطية المعمول بها في السابق، خاصة في تشريعات الدعم والاستحواذ ومشاركة المنشآت الصغيرة والمبتكرة في قاعدة الابتكار في مجال الأمن القومي.
وضع هذا النهج ليجذب الكثير من المبتكرين والرواد من داخل وخارج الولايات المتحدة، والمتمثل في أسس جديدة لدعم الإنفاق الفيدرالي في الأبحاث الأولية، وهو أمر بالغ الأهمية لجذب روّاد الأعمال لإيجاد حلول لمشكلات أو منتجات جديدة جذريا تخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي في المقام الأول، ثم الاستفادة من هذه المنتجات كفرص تجارية فيها سيطرة وقيمة عالية تدعم نمو الاقتصاد الأمريكي لأنها تقدم ما يسمى بالابتكارات البديلة لأي ابتكارات من دول أخرى، واجتماعيا من خلال خلق الفرص الوظيفية فيها.
ما يميز الولايات المتحدة هو أنها تستجيب للتغيير لضمان استمرار قيادتها، وما تقوم به اليوم في وضع نظام مستقل بغية إيجاد وتملك الابتكار الصناعي هو استجابة لهذا التحدي من خلال تقديم المُمَكِّن (وزارة الدفاع) القادر على قيادة المهمة والذي يتحلى بالعديد من المزايا الخاصة به، والصانع للفرص من خلال برامج انفاق موجهة للبحث العلمي وبقدرات فنية نوعية لخلق بيئات تصنيع النماذج الأولية، بالرغم من تصاعد المخاوف من أن هذا التوجه ربما يفتح أبواب التحايل بطريقة ما على إجراءات الرقابة المالية.
إيكولوجيا الابتكار في العالم في حالة تشكل سريع جدا، والقرار الأمريكي يستشعر خطر فقدان الريادة والسيطرة مستقبلا، مما ينعكس سلبا على أمنه القومي من كافة زواياه السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، والمواجهة الصينية الحالية للولايات المتحدة – على وجه الخصوص – مثال على ذلك وهي ليست بسيطة في ساحة الابتكار والتكنولوجيا التي أصبحت واحدة من ساحات القتال الرئيسة، وليس أمام الولايات المتحدة إلا أن تتملك مفاتيح قيادة المشهد في عالم مليء بالخصوم الساعيين بشراسة وراء التفوق التكنولوجي والصناعي، والذي هو أساس التواجد في مستقبل لا يعرف الرحمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال