الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حسب إحصائية وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، يتم هدر أكثر من أربعة ملايين طن من الغذاء سنويا. للمعلومية الطن الواحد فيه ألف كيلو غرام، تخيلوا حجم الطعام المهدر في أربعة ملايين طن، كيف سيكون حجمه وارتفاعه.
تقول الوزارة أن نصيب الفرد من الغذاء المهدر 184 كيلو غرام سنويا، سوف نذهب معا في عملية حسابية، نرى كم يفقد الفرد سنويا من مال نتيجة الهدر والمفقود، وهل نحن أشخاص طبيعيون أم أننا نحتاج الى علاج نفسي أو ندخل جميعنا الى مصحة مجانين؟.
اذا افترضنا أن تكلفة الهدر السنوي للفرد تقدر بـ الف ريال سنويا لـ 184 كيلو غرام، على أساس خمسة ريال للكيلو غرام، مع يقيني انه لا توجد وجبه بخمس ريالات، وعدد سكان السعودية اكثر من 34 مليون نسمة، يعني حجم الطعام المهدر يقدر تكلفته اكثر من 30 مليار ريال؟
هل يمكن أن تتخيلوا أننا رغم الكوارث الاقتصادية وضياع الصاروخ الصيني والأزمة القائمة بين الولايات المتحدة والصين وجائحة كورونا، وتراجع أسعار النفط، أننا نهدر 30 مليار ريال سنويا دون أن نستفيد منها، وجمعية إطعام المنتشرة في معظم المدن السعودية تعبت وهي تحمل بقايا الأطعمة الفائضة لتوزعها للفقراء والمحتاجين.
هل يمكن لكم أن تخبروني ما هذا البطر الذي نعيشه والغرور والتكبر الذي يجتاحنا أننا نهدر هذا الكم الكبير من الأطعمة؟، إنها يا سادة هدر للموارد وللمال وللثروة،
الهدر لدينا أنواع، ما يتبقى من المنازل من أطعمة، وبقايا طعام داخل المطاعم والفنادق وقاعات الحفلات والمناسبات، تخيلوا هذا المبلغ لو أننا أردنا الاستفادة منها في أحد برامجنا الاجتماعية والخيرية والإنسانية أين يمكن أن نصرفها؟ سوف أخبركم أين كنا سنستخدمها لتعود على المجتمع بالخير والفائدة.
كنا سنبني منها 20 ألف منزل للفقراء والمحتاجين والميسورين بقيمة الوحدة السكنية مليون و500 ألف ريال ضمن برنامج الإسكان الميسر، وكنا أيضا سنبني 42 ألف شقة سكنية يتملكها الضعفاء والأرامل، وخلال الخمس سنوات كانت ستتملك 100 ألف أسرة فقيرة فلل وشقق، وكنا قد سددنا 6 مليارات ريال ديون متعثرة ومسجونين للحق الخاص أو أولئك الذيم لديهم ديون للبنوك.
من مبلغ الطعام المهدر كنا سنعالج 14 الف مصاف بالسرطان في السعودية تكلفة علاج الفرد السنوي تقدر بـ مليون و800 الف ريال، خاصة وان السعودية تعد من اعلى الدول إصابة بالسرطان، لعالجنا مشكلة الفقر وسددنا بها فواتير الكهرباء والماء للفقراء والمحتاجين، وربما دفعنا أيضا رسوم العمل لبعض الوافدين الذين يرافقونهم أسرهم معهم ويرغبون إتمام دراستهم.
من قيمة الطعام المهدر والذي تصل قيمته السنوية 30 مليار، لاستطعنا تقديم قروض ميسرة من دون فوائد للأسر المنتجة لدينا تقريبا 40 الف أسرة منتجة وقدمنا لهم هذه القروض بدون فوائد ونحميها من براثن البنوك التي ترهقها بالفوائد، كنا سنخفف على خزينة الدولة في برامج المنح الدراسية ونقدم منح دراسية لنحو 4 الأف طالب وطالبة تكلفة الدارسة السنوية 100 الف ريال.
المبلغ المهدر سنويا كان سيساعدنا في بناء مستوصفات خاصة لذوي الدخل المحدود وأصحاب المرتبات الضعيفة والهزيلة بتكلفة لا تزيد عن مليوني ريال للمستوصف الواحد، ورفعنا من مستوى معيشة الذين يعيشون على الكفاف من مستحقي الضمان الاجتماعي ورفعنا حصتهم الشهرية.
قصة هدر الطعام المفرط في السعودية سلوك خاطئ ومن الصعب أن نلوم الحكومة بأن تراقب كل المبذرين والمهدرين للطعام، نحتاج الى أنظمة وتشريعات تغير من سلوكنا. هناك حل يرضي جميع الأطراف وربما يجد القبول، وهو أن حصة الفرد من الطعام المهدر سنويا في حدود الف ريال، أو اكثر، تنشئ الدولة صندوقا خيريا ويسدد فيه كل السعوديون حصتهم من مبلغ الطعام المهدر، فمثلا أنا ادفع الف ريال حصتي ويدفع الأخرون نصيبهم، وهكذا يدفع الجميع ونصل الى مبلغ 30 مليار ريال، هي حصيلة قيمة الطعام التي نهدرها سنويا، وبالتالي نزرع لدى المجتمع حب التعاون والتكافل والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية.
ومستقبلا نضم للصندوق رسوم مخالفات ساهر التي يجمعها المرور من السائقين المتهورين وتقدر قيمتها السنوية 8 مليارات ريال، ويتم توظيف أموال الصندوق في المشاريع الاجتماعية ودعم الأعمال الخيرية، ونؤسس لوعي جديد تتوافق مع رؤية السعودية 2030 ومشاركة المجتمع.
وقد نرى مستقبلا مشروعات يساهم في قيامها المجتمع، أما أن ندفن رؤوسنا مثل النعام من سلوكيات اجتماعية خاطئة ولا نجد لها حلول أو نفكر خارج الصندوق، هي فقط محاولة لتصحيح بعض سلوكياتنا المزعجة، واعتقد أن تضييع 30 مليار ريال دون أن تستفيد منها فهذا يقينا .. قمة الجنون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال