الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كما ذكرت في عدة مقالات سابقة أن الهدف من فرض الضرائب بجميع أنواعها على أي مجتمع سواء ضريبة الدخل أو المبيعات هو إيجاد إيراد للدولة لمواجهة النفقات وميزان المدفوعات والاستخدامات الأخرى للصرف في جميع المجالات مثل التعليم والصحة والأمن والجيش والبنية التحتية والتنمية وغيرها من النفقات.
قرأت في جريدة الشرق الأوسط العدد الصادر يوم الخميس 10 رمضان 1442 بعنوان ” دول الخليج تدرس فرض ضريبة على “سلع الرفاهية” حيث تدرس دول مجلس التعاون الخليجي توسعة نطاق الضريبة الانتقائية التي فرضتها مؤخرا على عدد من السلع مثل التبغ ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية لتشمل السلع المدرجة تحت تعريف ” سلع الرفاهية”. تعد الضريبة الانتقائية أحد الضرائب الغير مباشرة التي تفرض على بيع أو استخدام سلعة أو مجموعة معينة من السلع الكمالية أو الضارة بالصحة العامة أو البيئة.
للتأكيد فإن الضريبة الانتقائية والضريبة على المبيعات تندرج تحت تصنيف الضرائب غير المباشرة على المستهلك لكن هناك اختلاف بينهما. حيث أن الضريبة الانتقائية تفرض على أنواع معينة من السلع الضارة بينما تفرض الضريبة على المبيعات على كافة السلع والخدمات باستثناء بعض السلع والخدمات البسيطة التي تعفيها الحكومة لمسوغات معينة.
السؤال هو\ هل دول الخليج وبالخصوص السعودية مجبرة على أن تقوم بالتوسع في الضريبة الغير مباشرة بالسوق السعودي لزيادة إيرادات خزينة الدولة؟
المتابع للاقتصاد السعودي يرى أن هناك تطور في الجانب الاقتصادي والجانب المالي السعودي خلال السنوات الماضية حيث تطورت بسبب أسعار النفط والأزمات المالية المتكررة. أدى هذا إلى التفكير بتنويع مصادر الدخل والعمل على إصلاحات عديدة حيث أن المملكة مرت بتطورات اقتصادية واجتماعية وسياسية عبر تاريخها الطويل لأكثر من مائة عام. فقد شملت الإصلاحات قطاع مهم وهو القطاع الضريبي في المملكة مثل الضريبة الانتقائية والقيمة المضافة حيث أن الضريبة الانتقائية تعد من مصادر الإيرادات المالية البديلة الأكثر استقرارا.
يرى فريق من المتابعين أن الإصلاح الضريبي في السعودية أصبح ضرورة حيث تقتضيها التحولات الاقتصادية والسياسية الدولية التي تمر بها المملكة. حيث أن أسعار النفط بأسعارها المرتفعة قد اختفت وقيادة قوات التحالف في اليمن وهناك توسع في الإنفاق العام حيث أجبر الدولة على البحث عن موارد مالية جديدة تمكنها من تعويض الفجوة السالبة في إيراداتها العامة.
تأتي الضرائب المصدر الرئيس للإيرادات العامة في معظم دول العالم كخيار هام لخبراء السياسة المالية. ويرى المتابعون أن الأسباب التي تجعل الحكومات تتوسع في فرض الضريبة الانتقائية هو كما ذكرت سابقا أنها تعد من مصادر الإيرادات المالية البديلة الأكثر استقرارا وانخفاض تكلفتها السياسية مقارنة بالأنواع الأخرى من الضرائب، وهذه الضرائب مثل الضريبة على الدخل. نجد أن الأسباب التي جعلت الحكومة تتوسع في فرض الضريبة الانتقائية هي أسباب مالية وأسباب اقتصادية وأخرى صحية وبيئية ولو كانت الأسباب المالية هي الدافع الأساسي.
ويرى فريق آخر من المتابعين هو أن التوسع في الضريبة الانتقائية مهم جدًا حيث أن ارتفاع سعر السلع الخاضعة للضريبة الانتقائية قد يؤدي الى تقليل الطلب عليها ومن استخدامها واستيرادها حيث أن هناك أسباب صحية وهذه السلع تضر بالصحة العامة للمواطنين مثل التبغ ومشتقاته أو الحفاظ على البيئة من خلال فرض الضريبة على بعض المنتجات والآلات الملوثة للبيئة مثل الضريبة على الوقود وعلى المواد الكيميائية. وأيضا فإن هذه الضرائب تساعد الدولة على تطوير البنية التحتية لكثير من القطاعات التنموية من صحة وتعليم وجيش والنقل وصيانة الطرق وغيرها من الأمور التنموية.
تعمل المملكة على استراتيجية تطوير وإصلاح ضريبي شامل ومنسق مع دول مجلس التعاون الخليجي حيث أن العوامل الاقتصادية مشتركة والدوافع التي يقوم عليها فرض الضرائب الانتقائية تكون متشابهة. وتذكر الدراسات بأن الضريبة الانتقائية تمثل مصدرا كبيرًا للإيرادات العامة للدول منذ سنوات طويلة ماضية مثلًا خلال فترة الستينات والسبعينات حيث كانت ما يعادل 23% للدول المتقدمة و27% للدول النامية. اختيار هذا النوع من الضرائب يتوقف على عدة عوامل في كل دولة ومنها على متوسط دخل المواطن وعلى نوعية ونمط الاستهلاك لذا توجه دول مجلس التعاون الى التوسع عن طريق ضرائب على الاستهلاك يكون الحل الأمثل لضمان حصيلة ضريبية كبيرة وخاصة الضريبة الانتقائية والضريبة على القيمة المضافة.
أخيرًا
الوعاء الضريبي هو المادة الخاضعة للضريبة وتختلف من بلد الى اخر وتختلف المادة الخاضعة للضريبة حسب طبيعة الضريبة المعنية حيث تختلف القوانين والتشريعات من مكان الى آخر، والسلع التي تشملها الضريبة الانتقائية بالمملكة هي منتجات التبغ بنسبة 100% ومشروبات الطاقة بنسبة 100% والمشروبات الغازية بنسبة 50% وكلها على سعر بيع التجزئة. المملكة تعمل وفق نظام مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث أقرت المملكة الضريبة الانتقائية عام 2016م وتم العمل بها على أرض الواقع لتلك الدول وفقًا لقوانينها المحلية ومن بعدها العمل على التطوير والتوسع في هذه الضريبة على وجه الخصوص.
مهم جدًا أن يكون هناك خط ساخن وعلى قدر عالي من الاحترافية للرد على أي استفسارات من المواطنين ولضمان إزالة الغموض في أي قرار أو مادة من مواد اللائحة الضريبية بجميع أشكالها يُفضل أن يتم طرحها كمسودة واستقبال ردود المهتمين قبل اعتمادها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال