الكليات التقنية بين التسرب وعدم المؤامة

  تجاوبًا مع رؤية المملكة (2030) وتحقيقًا لهدفها فيما يخص التدريب التقني والمهني تسعى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها التي تضمنها تقريرها السنوي (2020) إلى “الاسهام الفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بتوفير التدريب التقني والمهني لأبناء وبنات الوطن بالجودة والكفاية التي يتطلبها سوق العمل، وتحقيق ريادة عالمية تكفل الاستقلالية والاكتفاء الذاتي”.  وجعلت أساس أهدافها ومرتكزها هو تطوير البرامج التدريبية التقنية والمهنية، وتقديمها، وترخيصها؛ حسب الطلب الكمي والنوعي لسوق العمل للذكور والاناث، وسن التنظيمات المختصة بجودتها، وكفايتها، والإشراف عليها. 

           وقد أنشأت المؤسسة في سبيل تحقيق هذه الرؤية وهذا الهدف فيما يخص التعليم ما بعد الثانوي (47) كلية تقنية بنظام الدبلوم للذكور و (23) كلية للإناث، و (15) كلية تقنية بنظام البكالوريوس للذكور فقط، أما الكليات التقنية العالمية وهي لمرحلة الدبلوم فقط فلقد بلغت (14) كلية للذكور و (17) كلية للإناث، وبلغ عدد معاهد الشراكات الاستراتيجية (28) معهدًا للذكور فقط، وبالتالي فإن عدد منشآت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لمرحلة ما بعد الثانوي هو (129) منشأة؛ مثلت الكليات التقنية للذكور بنظام الدبلوم فيها ما نسبته  (36 % ) من العدد الإجمالي منها. 

     إلا أنه ومع كل ذلك فإن التدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية في مرحلة الدبلوم في الكليات التقنية يواجه مشكلة اتضحت في التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني (2020) وفي تقرير الهيئة العامة للإحصاء (2019) وهي مشكلة نسبة الخريجين إلى المستجدين حيث بلغ عدد المتدربين المقبولين في عام 2019م (62358) متدربًا؛ بينما كان عدد الخريجين هو ( 20390) متدرب وهذا يشير إلى أن نسبة الطلاب الخريجين إلى الطلاب المستجدين في عام 2019م هي(32 %)، وكذلك كانت نسبة الطلاب الخريجين إلى الطلاب المنتظمين هي ما يقارب (16 %) حيث بلغ عدد الطلاب الخريجين (20390) طالبًا بينما كان عدد الطلاب المنتظمين هو (128809) طالب،  وبالنظر إلى أن مرحلة الدراسة في دبلوم الكليات التقنية هي سنتان ونصف فإن هذه النسبة هي الأخرى تشير على وجود إشكالية توازن بين عدد الطلاب الخريجين وعدد الطلاب المنتظمين في الكليات التقنية ذات نظام الدبلوم. 

ويشير التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني (2020) إلى وجود نسبة رسوب وتسرب في الكليات التقنية، حيث ورد أن محاولة معالجة ظاهرة التسرب خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي (2019) كانت نسبتها سالبة بمقدار (- 114 %) حيث كان المستهدف هو نسبة (16.67 %) والمتحقق هو نسبة (14.63 %)، وكانت كذلك سالبة خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي (2019) بمقدار (- 175 %) حيث كان المستهدف هو نسبة (14.98 %) والمتحقق هو نسبة (8.6 %).

     وفي ظل عدم التوزان بين مدخلات الكليات التقنية ومخرجاتها، ووجود نسبة سالبة فيما يخص عدد المخرجات إلى المدخلات، وكذلك وجود نسبة سالبة فيما يخص نسبة التسرب، ووجود مشاكل وعقبات في الكليات التقنية، إذ أنه من الواضح أنه لم يتحقق التطابق الخارجي للأداء مع الأداء الداخلي المطلوب، كان الناتج هو وجود مشكلة في عملية استثمار الموارد البشرية لهذه الكليات من متدربين ومدربين، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الخريجين مع وجود الفرص الوظيفية. ولعل هذا الشأن هو ما جعل وحسب ما تشير إليه الإحصاءات الوطنية (هيئة الإحصاء، 2019) بأن هناك أكثر من 420 ألف وظيفة في القطاعات التنموية لاتزال شاغرة بالنسبة للسعوديين.

     420 ألف وظيفة في القطاعات التنموية لا تزال شاغرة، يعني أنه يجب التركيز على هذه النقطة سواء من الكليات التقنية أو مؤسسات التعليم العالي، ومحاولة مؤامة المخرجات مع متطلبات هذه الوظائف