3666 144 055
[email protected]
مع بداية الألفية الجديدة تسارعت وتيرة التغييرات الجذرية في عالم الأعمال، وصارت معالم الثورة الصناعية الرابعة أكثر وضوحاً وتغلغلاً في حياة الأفراد والمجتمعات، مع تزايد الاعتماد على التقنيات المعاصرة في معظم مجالات الحياة، وتغير نماذج الأعمال التقليدية، مما يضع إدارة المنظمات اليوم أمام تحديات أكثر عمقاً لمواكبة هذه التطورات المتسارعة وترويض المنافسة المحتدمة على الصعيدين الوطني والعالمي.
ومع تطور المفاهيم المعاصرة نحو الموارد المتاحة وندرتها، صار لا بد من إيجاد طرق أكثر إبداعاً وتميزاً لتنميتها واستخدامها بأفضل الطرق الممكنة لتحقيق الأهداف، هذا المطلب الحيوي يرتكز على قيم وتطبيقات حديثة تدور بصفة أساسية حول الابتكار والتميز بل والتحول، وكلها تشير إلى جوهر التغييرات التنظيمية في المرحلتين الحالية والقادمة.
فلم تعد مفاهيم مثل التحول الرقمي، والاستدامة والميزة التنافسية والإبداع الإداري، مجرد مصطلحات نظرية تشير إلى ترف فكري فلسفي، وإنما هي مرتكزات أساسية نحتاج إلى إعادة تقديمها وتطبيقها على كافة المستويات وفي مختلف المنظمات، وخاصة تلك التي تعمل ضمن معايير القطاع الخاص أو ستنضم إليه في المستقبل القريب، وحتى المنظمات الحكومية تحتاج إلى مواكبة متطلبات الكفاءة لخدمة المصلحة العامة وتحقيق الاستدامة والنهوض بالاقتصاد.
هنا يأتي التساؤل حول ماهية الميزة التنافسية (Competitive Advantage)، وكيفية الوصول إليها؟
إن مفهوم الميزة التنافسية ذاته ليس بالجديد في مجال الأعمال، فقد تمت الإشارة إليه بطرق متعددة من قبل بعض المفكرين الاقتصاديين خلال القرن التاسع عشر، لكن ظهوره كمصطلح متداول كان خلال القرن العشرين واستمر حتى اليوم، ليشير إجمالاً إلى: القدرة التي تكتسبها المنظمات لأداء الأعمال بصورة أفضل من منافسيها في قطاع معين وبصورة يصعب محاكاتها من قبل الآخرين، وبالتالي تحديد مدى نجاح المنظمة في المحافظة على مركز متقدم بين المنافسين، انطلاقاً من الموارد المتاحة لها والعمليات الداخلية، والتي تشمل التطوير المستمر للإجراءات والإمكانيات البشرية والتنظيمية ، ووصولاً إلى المنتجات ذاتها، والتي يجب أن تتميز بجودة أعلى أو تكلفة أقل، أو كليهما، لتلبية متطلبات العملاء والبيئة المحيطة.
إن التأمل في مفهوم الميزة التنافسية المطور المقدم أعلاه يجده مطلب أساسي لمختلف المنشآت العامة والخاصة، فعناصره تتميز بالشمول والترابط من منظور معاصر، حيث أن التركيز لا ينصب فقط على جانب المدخلات (الموارد) ولا المخرجات (السلع أو الخدمات)، وإنما يشمل كذلك العمليات الداخلية والقدرات المكتسبة، سواء الفردية والتنظيمية، والتي يتم استثمارها من خلال تطوير المعرفة وصقل المهارات، وزيادة وفرص التمكين لتطبيق المعارف والمهارات الجديدة لخلق حلول مبتكرة للمشكلات، وربط ذلك بالإجراءات داخل المنظمة ومكوناتها الخاصة بها، والتي تمثل القلب الذي يصعب على المنافسين محاكاته، وينعكس ذلك على التميز في أداء العمل، لتكون المخرجات أو المنتجات مرغوبة من حيث الجودة أو التكلفة أو كليهما. هذه النتيجة تساهم في وضع المنظمة في مركز متقدم على منافسيها في قطاع معين. ويمكن أن تكون الميزة مستدامة في حال استطاعت المنظمة المحافظة على مركز متقدم في السوق/القطاع، من خلال استمرار التفاعل مع البيئة المحيطة لتطوير مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها بما يتناسب مع الظروف الحالية والتطلعات المستقبلية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734