الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المقال السابق تحدثت عن أساليب متعددة لحوكمة العقود في القطاع العام. من ضمن هذه العقود هي عقود ASD، والتي تعني تفويض عملية تقديم الخدمات الى اجهزة اخرى سواء كانت في القطاع العام أو القطاع الخاص رابط المقال هنا.
من التجارب التي تعتبر ناجحة الى حد ما في هذا المجال، تجربة الحكومة الكندية. نتيجة للافراط في المركزية الادارية، قامت الحكومة الكندية بتجربة أساليب جديدة للعقود الحكومية حيث عملت هذه الحكومة على “تفويض” العديد من الوكالات الخاصة. عمدت الى هذا الأسلوب نتيجة للحاجة الملحة للاستجابة لمتطلبات المرونة، والحاجة إلى الإدارة التي تقتنص الفرص المحتملة للتعاقد مع شركات تقدم خدمات على مستوى المعايير التي تحددها القطاعات العامة ،وهذه تكون من خلال إنشاء شركات مستقلة عن القطاع الحكومي ولكنها تابعة له.
قامت كندا بإنشاء 18 شركة شبه مستقلة عن القطاع العام، منها متخصصة بالتشغيل، ومنها متخصصة في تقديم الخدمات. تعمل ادارة هذه الشركات على أساس سلسلة متصلة بين الادارة التنفيذية للقطاعات الحكومية ومجلس إدارة هذه الشركات . وبالتالي يتم حوكمة الشركات الشبة مستقلة ويطبق عليها معايير الحوكمة و المساءلة والشفافية، وبالتالي يتم تخفيف معدلات التلاعب بالعقود و الارقام، ويسعى القائمون عليها على البحث عن الفرص الأفضل لتشغيل القطاع العام بعيدا قدر الامكان عن المحاباة والفساد. لأن هذا النوع من التعامل في عقود التشغيل و الخدمات يتيح لهذه الشركات مرونة تفاوضية، مثل مرونة الادارة في تخصيص مواردها او اعادة هيكلة الميزانية. هذا الخيار متاح بشكل أكثر مرونة في القطاع الخاص والشركات الشبه مستقلة عن القطاع العام، بعكس القطاع العام الذي يحتاج الى إجراءات طويلة من اجل اتخاذ قرارات معينة بخصوص الميزانية بخصوص المصروفات وغيرها.
تعتبر هذه الشركات من شركات ال SOA، واعتمدت على هذا النوع العديد من الدول لإصلاح القطاع العام مثل بريطانيا ونيوزلندا، الى جانب كندا. تعتمد هذه الشركات على تقسيم إداراتها الكبيرة إلى وحدات أصغر وتكون خاضعة لقانون الشركات، ولكن يضاف لها امتياز لا يملكة القطاع الخاص من حيث الإجراءات في تقديم الخدمات اذ انها متصلة بالقطاع العام وبالتالي الهدف من وجودها تسهيل توفير الخدمة على مستوى عالي يضمن تحقيق التنافسية مع القطاع الخاص من جهة، ورفع مستوى الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص في حال تعاقد مع هذه الشركات لتقديم خدمات يحتاجها القطاع العام.
هذا الأسلوب المتميز في حوكمة العقود يساعد القطاع العام، خصوصا القطاعات الضخمة مثل قطاع التعليم و قطاع الصحة من تقليل الاستنزاف في الموارد، والبعد عن الخصخصة الكاملة التي قد تواجه الكثير من التحديات التي لا يمكن التكهن بها قبل عيش التجربة الواقعية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال