الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال السنوات العشر الماضية، ارتبط استخدام التقنية بتغييرات جذرية في عالم الاقتصاد والتجارة الدولية. وكان تأثير التقنية على إجمالي الناتج المحلي GDP وعلى الارباح والانتاجية من أهم نقاط اهتمام الاقتصاديين.
ونبدأ بذكر ان تكلفة الأعمال، على الصعيد الدولي، قد انخفضت، وازدادت الفرص في سوق العمل، وكذلك تحسنت جودة العمليات التشغيلية وإدارة سلسلة الإمداد Supply Chain إلى حد كبير بعد التحول الرقمي والاتمتة واستخدام التقنيات المختلفة، بدءا من الاتصالات المتطورة وسرعة الانترنت وشيوع التجارة الالكترونية والحوسبة السحابية ووصولا إلى استخدام الانظمة الذكية والبيانات الضخمة و خوارزميات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء.
وأتاحت التقنية لمقدمي الخدمات التواصل مع الموردين والعملاء من خلال التطبيقات والمنصات والتقنيات الرقمية المختلفة، من أجل تتبع كفاءة العمل وقياس مدى رضا العملاء. ومن جهة أخرى، أتاحت التقنية للموردين متابعة فعالية خط الانتاج وسلسلة الإمدادات. وذلك يؤدي إلى زيادة الانتاجية وجودة المبيعات، بالاضافة إلى تقليل المخزون والتكلفة الاجمالية. وهذا ما أدركه المدراء التنفيذيين للمؤسسات والمصانع والشركات، وأصبح من عوامل نجاح أعمالهم الرؤية الصائبة من خلال مواكبة التغييرات التقنية السريعة في العالم، ووجود مؤشرات قياس مالية واقتصادية يتم بناؤها عن طريق البرامج والانظمة والأدوات التقنية للتمكن من مقارنة الأداء والتكلفة الإنتاجية والأرباح قبل وبعد استخدام التقنيات.
ومن الجدير بالذكر أنه وحسب دراسات العديد من شركات الاستشارات العالمية، مثل BCG و World Economic Forum، فإن المؤسسات التي لا تستثمر في التقنية ظنا انها قد تزيد من ارباحها السنوية، فهي ترتكب خطأ كبيراً، لأنه ثبت فعليا ان الارباح وإجمالي الناتج المحلي والإنتاجية؛ جميعها تنقص عند عدم الاستثمار في التقنية وابقاء العبء على الجهد اليدوي، خاصة اثناء تتبع الاداء التشغيلي والبحث عن البيانات وتحليلها وإصدار التقارير الخاصة بها وغيرها من المهام اليدوية الاخرى. وجميع تلك المهام اليدوية يمكن استبدالها بأنظمة ذكية تتسم بالدقة والجودة والفاعلية، وتقوم كذلك بتوفير الوقت والجهد البشري، مما يقلل فعلياً من التكلفة الاجمالية والعبء الاقتصادي لتلك المؤسسات، على المدى البعيد. وبالتالي، فيمكن رؤية بوضوح أن هامش الربح الإجمالي Gross Margin واستخدام التقنيات يتناسبان طردياً، اذ يرتفعان سوياً وينخفضان سوياً (ظاهرة تدعو للتفكر والتحليل التفصيلي).
كما انه ملاحظ ان تاثير اقتصاديات التقنية في الاسواق العالمية هائل، وقد تجاوز تأثير أسهم الشركات التقنية، مثل اسهم شركات قوقل وأمازون وأبل ومايكروسوفت، أسهم كبرى الشركات غير التقنية والتي كان لها الصدارة في العقود السابقة مثل شركات تصنيع السيارات وغيرها. كما ان حجم الانفاق عالميا على المنتجات التقنية والتي تتضمن البرامج والاجهزة والشبكات والعاملين التقنيين ومراكز البيانات يبلغ ما يقارب التريليونات من الدولارات سنويا على الصعيد الدولي.
ومن الامثلة التي توضح مدى الاعتماد على التقنية في كافة مجالات الحياة هي حجم البيانات الضخمة الناتجة عن استخدام اجهزة الاستشعار المختلفة في المجال الصحي اثناء معالجة المرضى، وكذلك البيانات الناتجة عن اجهزة الاستشعار في بعض السيارات الذكية للتعرف على المشاة او الطرق او العوائق اثناء قيادة السيارة، وكذلك البيانات الناتجة عن برامج التعرف على الوجوه او الاصوات، والبيانات الضخمة الناتجة عن المعاملات البنكية والمصرفية وغيرها الكثير من الامثلة، في كافة نطاقات الحياة. وتحليل تلك البيانات هو العامل الأساسي لاتخاذ القرارات الاستراتيجية والعملياتية والمالية من قبل متخذي القرار. وبالتالي، لنا ان نتصور مدى تأثير التقنيات على اقتصاديات المجال الصحي والصناعي والأمني والمالي وغيرها من المجالات.
ومن جهة اخرى، فمن المقرر أن يصل إجمالي الإنفاق على مجال تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة العربية السعودية في عام 2021م إلى 32,9 مليار دولار، بزيادة قدرها 1.5 % عن العام الماضي. ومن المتوقع أن يتجاوز الاستثمار السعودي للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المليار دولار خلال السنوات القادمة.
ومن المقرر أيضا أن يزداد الإنفاق في المملكة على تكلفة التقنيات المختلفة في كافة المجالات، والتي تشمل البرامج والأجهزة المحمولة والشبكات وتخزين البيانات وغيرها، بنسبة 4.2 % سنويا. وانسجاماً مع رؤية المملكة 2030 في دعم ريادة الأعمال وتعزيز تقنية الخدمات المالية، أطلقت مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” مبادرة “فنتك السعودية” بهدف دعم منظومة التقنية المالية لتصبح المملكة مركزاً للتقنيات المالية بها منظومة رائدة، تشمل البنوك والجامعات والشركات ومؤسسات الدولة والمستثمرين، مما يدعم زيادة التعاملات المالية الرقمية. وكافة تفاصيل تلك المبادرات المذكورة هي مجرد جزءا من التخطيط التقني الاقتصادي والذي تم تبنيه بناء على قرارات استراتيجية من قبل متخذي القرار والاقتصاديون ومستشاري التقنية، تماشيا مع رؤية 2030 لتحقيق اقتصاد مستدام للمملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال