الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عدل فهيم ربطة عنقه وهو ينتظر إشارة بدء البرنامج الذي يبث على الهواء من إحدى أكبر شبكات التلفزة في العالم، وبينما هو ينتظر ذهبت أفكاره بعيداً إلى بلاده وهو يتذكر أفراد عائلته وهم يحصلون على المال اللازم لدراسته الجامعية من أقاربهم المقيمين بالسعودية، ثم تذكر مشهد مغادرته لبلاده نهائياً بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة بعد توقف الدعم السعودي لحكومة بلاده.
أصبح فهيم في هذه اللحظة أستاذاً جامعياً مهاجراً لدولة اوروبية، وتعود جذوره إلى دولة يقوم اقتصادها على المعونات، ورغم ذلك يسمي نفسه (خبير اقتصادي)، واضطر لظروف اكمال قرض شراء شقته السكنية للعمل كمستشار اعلامي لدى بعض القنوات الفضائية وذلك بتمويل مباشر واجندة واضحة تستهدف انتقاد السعودية تحديداً.
بدأت الحلقة المنقولة على الهواء، وكان فهيم حينها تحت ضغط كبير وهو يسترجع فلاشات من حياته الطويلة والحافلة، حتى فاجأه المذيع بسؤال عن مدى ريعية النظام الاقتصادي في السعودية، وأنه نظام معطل لأنه يعتمد على بيع الثروات الغير متجددة دون نظرة مستقبلية واضحة، حينها لم يستطع فهيم أن يكمل اتباع الأجندة فقال بثقة وهو يقوم بفك الميكروفون المثبت في طرف ربطة العنق: الواقع يقول إن السعوديين تفوقوا علينا علمياً وحضارياً، اخرجوا النفط وانتجوا مشتقاته، استثمروا في أبنائهم وارضهم، ذهبوا بعيداً ودخلوا مبكراً إلى عالم الطاقة المتجددة، وتمضي شركاتهم قدماً في الصناعات العسكرية والقطع البحرية وغيرها، وتركوا لنا الكلام والنقد الممنهج المدفوع الثمن والغير موضوعي، ولم يعد كلامنا هذا مصدر ضرر لهم، فالانسان السعودي واعي، ويعلم أنني وغيري مجرد أدوات منتهية الصلاحية.
وبعد كلام فهيم اعلاه وخروجه من الاستديو إلى بهو القناة الرئيسي، وجد شاشات ضخمة تنقل على الهواء اجتماعاً رسمياً لمنظمة اوبك، وحينها توقف عن المسير هو ومن كان وراءه من فريق الاعداد، ونظر الجميع إلى الشاشات عندما بدأت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي فاجأ العالم في تلك اللحظة بتصريح قوي أثناء اجتماع لمنظمة الأوبك، أعلن فيه أن المملكة ليست أكبر منتج للنفط فحسب، بل هي منافس قوي في إنتاج الطاقة عالمياً، حيث تنتج النفط والغاز والهيدروجين والطاقة المتجددة بتكلفة قليلة جداً. وأضاف سموه بثقة ولطف وابتسامة، “وندعو العالم أجمع أن يتقبل هذه الحقيقة”. فأشار فهيم بيده إشارة تحية واحترام وكأنه يوجه تحيته للأمير، وخرج من القناة للمرة الأخيرة في حياته مبتسماً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال