الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سيبقى آدم سميث في ذاكرة الاقتصاد ايقونته الناضجة والراسم الاول للاقتصاد الانضباطي وصاحب ثروة معرفية شملت الكثير من الكتب والمراجع والبحوث، فهو مؤسس علم الاقتصاد الحديث وصاحب اشهر الكتب الاقتصادية ( ثروة الأمم Wealth of Nations ) والذي طبع في عام 1776م كواحد من أهم الأسس التي تقوم عليها الليبرالية الاقتصادية المعاصرة وكمصدر إلهام لكبار الاقتصاديين من بعده حيث تزامن الكتاب مع بدء الثورة الصناعية فاكتسب مرجعاً اساسياً لعلم الاقتصاد بشكل عام والنظام الرأسمالي بشكل خاص ، ادم سميث هو احد اهم واشهر الفلاسفة الاقتصاديين في القرن الثامن عشر ونال لقب أبو الاقتصاد الحديث بفضل نظرياته الاقتصادية التي غيرت الابعاد العالمية للتعاملات التجارية وادارة اقتصاديات الدول.
عُرف سميث بعدد من النظريات الاقتصادية ، ومنها أن النظام الاقتصادي الأمثل هو نظام السوق الحر وأن عناصر النمو تكون لدى كل من المنتجين و المزارعين ورجال الأعمال وهو ما يساعد في نمو حرية التجارة و العمل و المنافسة التي تقود الى توسيع نطاق أعمالهم مما يؤدي إلي زيادة التنمية الاقتصادية ، على اعتبار أن كل أمة أو شعب يمتلك القدرة على إنتاج سلعة أو مادة خام بتكلفة أقل بكثير من باقي الدول الأخرى، فإذا ما تبادلت الدول هذه السلع عمّ الرخاء بين الجميع.
المعرفة وثروة الأمم هي البوابة الاقتصادية لاكتشاف الفرص واستغلالها الاستغلال الامثل ، وتحديات المنافسة اكبر من مجرد نشاط اقتصادي الى ما هو ابعد من ذلك بما تتضمنه من فكر وجودة ومخرجات قادرة قبل كل شيء في استمرارها وديمومتها المثيرة وانعكاساتها على قوة ومتانة الاقتصاد .
عاش أبو الاقتصاد حياة قاسية تنتابه نوبات من الذهول كان معظم اوقاته شارد الذهن ، مات ابوه قبل مولده وعاش في كنف عمه ، قطع اول رحلة علمية الى أكسفورد ممتطياً جواداً حيث كانت أكسفورد قلعة علم ومنبع الفكر والفلاسفة، وكاد ان يفصل من الجامعة عندما وجدوا في غرفته احد كتب الفيلسوف هيوم والذي كانت كتبه حينها غير مسموح بها ، ويُذكر ان أهالي بلدته كير كالدي في اسكتلندا كانوا يستخدمون المسامير كعملة نقدية.
يقول سميث ان الخباز الذي يصنع لنا الخبز ليس لأنه يحبنا بل لأنه يريد ان يجني الأموال ولقد فسر “سميث” هذه الفكرة أيضا بقوله إن الجزار والخباز عندما يتقنون عملهم بشكل جيد يجنون عائدا كبيرا يحقق مصلحتهم ويحقق لهم ثروة، وفي نفس الوقت يحقق منفعة كبيرة للدولة واقتصادها بوجه عام ، وهوما سيخلق المنافسة على نطاق واسع ومن الأمثلة النموذجية التي اطلقها سميث لزيادة العوائد بفعل زيادة حجم الإنتاج قصة مصنع الدبابيس فرجل يسحب السلك واخر يجعله مستقيما وثالث يقصه وهناك 18عملية يمكن القيام بها في هذا المصنع من خلال 12 رجلا لصناعة خمسة الآف دبوس وهو ما يتطلب سوقاً كبيرة وهذا يتطلب أيضا التوسع في انشاء الشركات والمصانع على نحو من أهمية المنتجات التي يحتاجها السوق وفي هكذا حال فإن الهيمنة على الصناعات وتوسعها سوف تخلق المنافسة وهكذا يعمل الاقتصاد بتوظيف كافة عناصره الإنتاجية بأقصى كفاءة ممكنة.
المتتبع لتاريخ الفكر الاقتصادي لدى آدم سميث والذي اعطى وصفاً مختلفاً عما نشهده اليوم نجد ان هيمنة الشركات الكبرى تكاد تكون محتكرة بحماية قانون الملكية الفكرية لجميع ابتكاراتها وانظمتها ومنتجاتها أي ان التنافسية تحولت الى مسارات أخرى وهو ما فتح المجال لانتقاده عندما تقاطعت اتجاهات كل من المنافسة والاحتكار.
يحسب لآدم سميث تحريره للاقتصاد وتفسيره الصائب لتقسيم العمل وفصله للعلوم الطبيعية وما بعدها عن التعاملات الاقتصادية التي يكون أصلها المنفعة والنماذج الاقتصادية التي تُبنى على أساس المنفعة والانسان فالمنافع تأتي بسبب العمل وغريزة وواقع الانسان فهو بالتالي المحرك لكافة مكونات الاقتصاد في أي زمن وفي أي مكان بدء من الانسان الأول الذي عمل في نشاط الصيد وانتهاء بدوره الإبداعي اليوم في الابتكار والرقمنة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية المختلفة ، وبالرغم من السنوات الطويلة التي أتى خلالها الكثير من الفلاسفة والاقتصاديين تبقى نظريات آدم سميث شاهد عصر وترجمة فعلية معاصرة لواقع النهضة الاقتصادية التي تعيشها المجتمعات والتي أخرجت العالم الى الواقعية الاقتصادية والتطور الحضاري المدهش إضافة الى انطواء ما اتى بعده من نظريات تحت عباءة نظرياته المتعددة.
مجمل القول : قدم آدم سميث الكثير من الأفكار كان من أهمها ( دعه يعمل دعه يمر) في إشارة الى حرية الأسواق وبالرغم من تأكيداته على المنافسة التي يخلقها الافراد والشركات في السوق الا ان هناك وفي عهده برزت حالات من الاحتكار على المدى القصير فهل هذه النظرية اليوم بحاجة الى مراجعات علمية لإعادة صياغة أداء السوق بشكل او بآخر لتحقيق المنافسة الكاملة دون عوائق احتكارية؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال