الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن تنافس الإخوة في الشركات العائلية هو سلاح ذو حدين، فقد يكون فيه النفع والتطور والازدهار للشركة العائلية لما تنطوي عليه كلمة منافسة من ابداع وتطور وتنوع، وقد يكون السبب الرئيس في صراع داخلي ونزاعات عائلية تؤول بالشركة إلى الفشل والانهيار.
إن دخول أبناء المؤسس إلى العمل واشتراكهم في صناعة القرار من خلال توليهم وظائف قيادية هو نقطة تحول ومفترق طرق بالنسبة لمصير الشركة العائلية حيث أن هذه الدماء الجديدة التي تضخ بالشركة وما تحمله من حماس وتطلعات ورؤى مختلفة لها بالغ الأثر على أداء الشركة سواء على الصعيد الإيجابي أو السلبي ، ويمثل المؤسس دور حجر الزاوية في هذه المرحلة لعبور الشركة الى بر الاستقرار والازدهار.
لا شك أن المعرفة العميقة بين الاخوة والتقارب الشديد الذي يربطهم منذ الصغر يجعل من كل فرد بالعائلة كتاب مفتوح أمام الآخر، فكل فرد في العائلة معروفة أطباعه وتوجهاته وقناعاته، بل قد يكون من السهل جداً توقع تصرفاته وقراراته، إن هذه المعرفة قد تنعكس إيجابا على العلاقة بين الاخوة على شكل تسامح وتفاهم ومودة وحرص بين بعضهم البعض وقد تنعكس سلبا في شكل عدم ثقة وانتقام وغيرة وتخوف بل يصل الأمر إلى الحقد والتحاسد فلكل أخ منهم رصيد كبير من المواقف والذكريات الإيجابية منه والسلبية، ولنا في قصة يوسف عليه السلام العظة والعبرة، فقد نصح نبي الله تعالى يعقوب ابنه يوسف عليهما السلام ألا يقصص رؤياه على إخوته فيكيدوا له كيدا وكان نتيجة ذلك أن هموا بالفعل لقتله حتى يخلُ لهم وجه أبيهم، ولفهم ذلك ينبغي معرفة حقيقة أن أسلوب التنشئة المبكرة للإخوة ستضفي بظلالها على كل أخ من أي منظور يرى أخاه، فقد تكون السلوكيات وردود الأفعال وأسلوب التنشئة والعلاقات العائلية في مرحلة الطفولة وما بعدها له بالغ الأثر على الشركة والاخوة سواء في العقد الثالث أو حتى الثامن من حياتهم، أضف لذلك الجبلة البشرية بما طبعت عليه من شح ، فترى الاخوة يتبارون ويتسابقون ضد بعضهم البعض ليفوزوا بنفوذ ما أو بمنصب الخليفة لوالدهم في الشركة مما قد يؤدي أحيانا إلى دمار وتفكك كل من العائلة والشركة، إن كل هذه المشاعر التي تنم عن عدم الانسجام ستؤدي حتما إلى تفكك الترابط داخل العائلة وليست الشركة بمنأى عن هذه التوترات وخاصة أن أغلب قرارات الشركات العائلية مع الاسف تناقش وتتخذ ^على فنجال قهوة عقب المغرب^.
إن الاندماج التدريجي للأبناء ومحاولة اكسابهم الخبرة من قبل المؤسس يجب ألا يترك للصدفة ولكن يحتاج إلى برنامج دقيق واشراف من المؤسس حتى يتسنى له تقويم الأخطاء وتشجيع المبادر ومن خلال هذا البرنامج و الاشراف يتم اختيار القادة من الاخوة بناء على معايير ومتطلبات بعينها.
إن إعداد ذلك الجيل يبدأ مبكرا جدًا منذ دخول أول الأبناء في الشركة وليس بعد حدوث النزاعات وتداخل السلطات والصلاحيات، وتقع مسئولية تنشئة جيل الاخوة الشركاء سواء الاجتماعية أو النفسية أو العملية على عاتق مؤسس الشركة الذي يعي بحجم الخطر والتحديات ويستطيع أن يتنبأ بالنزاعات العائلية سواء في وجوده أو حتى بعد رحيله وذلك عبر التخطيط السليم للخلافة وفرض آليات الحوكمة المطلوبة للتغلب على النزاعات وتحقيق أهداف الشركة في ضوء رسالتها ورؤيتها، وتعد الحوكمة السليمة داخل الشركة والعائلة هي قارب النجاة لإدارة كل هذه النزاعات والعلاقات المتشابكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال