رضا المستهلك هو رضا الوزارة!

نظر ماجد الى الاوراق التي أمامه في غرفة الاجتماع الرئيسية في إحدى أهم الوزارات بقلب العاصمة، كانت الاوراق عبارة عن تقارير عن أداء شركات السيارات بإتجاه تحقيق رضا المستهلك، على مستوى المملكة. وكانت نظرات ماجد تتراوح بين الغضب تارة وبين الصمت أو الابتسامة تارة اخرى، ثم رفع عينيه لينظر باتجاه اول الجالسين أمامه “زيد” وبادره بالسؤال بلهجة رسمية: لديكم شكاوي عملاء معلقة منذ اشهر، فهل سننتظر اكثر من ذلك!! تفاجأ زيد بالسؤال، فهو رئيس لشركة كبرى تعمل على استيراد سيارات آسيوية منذ عشرات السنين ولم يقابل وزيراً أو مسؤولاً الا في حفلات رسمية مع ابتسامات صفراء وفلاشات التصوير.

الاخ زيد، هل لديك إجابة؟! عاد زيد لوعيه مع هذه الكلمات من ماجد، فكان رده نمطياً: ان شاء الله ياطويل العمر الأمور راح تزين، عندنا خطط واضحة للتعامل مع الحالات و ….، فقاطعه ماجد بهدوء: انت هنا اليوم ليس لمجرد التعامل مع الحالات الحالية، انت هنا لتعلم أن عليك العمل على تحسين خدماتك، وعليك انت والجميع الحرص على تحري مؤشرات الآداء التي سيتابعها فريقنا على مدار الساعة، وسنتبع مبدأ الثواب والعقاب، فنحفز المميزين، ولن نتهاون مع المقصرين.

تدخل عبيد رئيس إحدى الشركات في الحوار بعفويته المعهودة قائلاً: يا طويل العمر شركتنا قدمت الكثير من برامج المسؤولية الاجتماعية وذلك في مجالات مختلفة ونطمح لرد الجميل لمجتمعنا و…، فكان رد ماجد الحاسم بهدوء كعادته: سيدي الفاضل، شكراً لكل من يقدم الخدمة الاجتماعية، لكن لن ترضى عنك الدولة ممثلة في هذه الوزارة الا بعد أن تثبت ارضائك التام للمستهلك من مواطن أو مقيم وذلك بحرصك على التحسين وجودة الخدمة من خلال تطبيق إجراءات تصحيحية ووقائية سليمة تكفل استدامة الجودة.

انتهى الاجتماع وخرج الجميع إلى شركاتهم، وقد علموا جيداً أن قواعد اللعبة قد تغيرت، وأن عصراً جديداً قد بدأ، نحو حماية المستهلك ليكون هو محور تقييم الأداء حتى للجهاز الحكومي ذاته، وأنه لم يعد هناك مهرب أو فرصة لتوفير المصروفات أو شراء شهادات (توكيد الجودة) دون تطبيقها على أرض الواقع.

هذه القصة لا تمت للواقع بصلة، وأي محاولة لربطها مع الواقع، ستنجح!، لأنك ستجدها حاضرة كل يوم في غرف اجتماعات الوزارات للسعودية المتجددة والتي قرر قادتها وشبابها أن يرتقوا إلى المجد والعلياء ويحققوا رؤية وطنهم 2030 بكفاءة وإيمان.