الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خرج عبيد من مجلس العائلة متجهماً، حيث كانت نظرات الجميع تحيط به، بعد فعلته الشنيعة في نظرهم. فقد قرر عبيد فجأة، وبلا مقدمات، أن يترك مجال دراسته الجامعية في الهندسة المدنية ليتفرغ لشغفه في التصوير السينمائي!
وأثناء خروجه من الممر، وردت لجواله رسالة عبر تطبيق الرسائل الشهير فنظر إليها عبر الشاشة الخارجية دون أن يفتح التطبيق، وكان يتوقع صاحبها، الذي لم يكن إلا خطيبته، التي تطلب منه إنهاء كل شيء بينهما بهدوء.
كان القرار برمته شخصياً، لا يرتبط بأي انسان غير عبيد نفسه، لكن الجميع أدار ظهره له، لأسباب ثقافية وفكرية وتوجهات دينية وعقل جمعي، أو حتى لخروجه (السافر) عن المألوف، وعن منطقة الراحة Comfort Zone.
هل يرتبط نموذج الأباء للسعادة المهنية بنموذج الأبناء المعاصر، هل (تبقى) من يسعى للتقاعد كهدف نهائي وغاية، طامحاً في امان وظيفي زائف قد ينسفه (شيك ذهبي) في منتصف الطريق. ما نراه عياناً أن الفكر الوظيفي السعودي قد تغير كلياً، فلم يعد هناك مكان للباحث عن مناطق الراحة، بل إن استمرارية الموظف الحكومي في عمله وترقياته ونقله أصبحت مقرونه بتطوره المهني وتقييم آدائه الوظيفي.
هل أضحت المعاناة بالعمل في وظيفة جامدة ميتة أو مهنة لا تتلائم مع شخصيتك وشغفك، شرطاً للوصول إلى منطقة الأمان، أم أن البديل بإيجاد منطقة السعادة والتي تمارس فيها شغفك ومع فريق تكتمل معهم مسببات النجاح هي ما سيمنحك الحياة السعيدة التي تستحقها يومياً، من اول يوم بعد تخرجك، وليس حلماً مؤجلاً لسنوات.
هل من متطلبات إرضاء المجتمع أن تعمل في تخصصك (فقط) وتنتظر التعيين لسنوات طويلة متجاهلاً التطوع والبحث العلمي والمهن الحرة وريادة الأعمال، راقداً في المنزل متكلاً ومستنزفاً لعائلتك، فتخسر اجمل سنوات عمرك وانت على فراش الموت البطيء وهو فراش البطالة الاختيارية المليء بالافكار والاجواء السلبية القاتلة للطموح والمثبطة لأي مبادرات أو تفكير خارج الصندوق وهذا يؤدي بطبيعة الحال لإعاقة تنمية مهاراتك التي وهبك الله إياها، فيجعل منك كائناً هشاً ضعيفاً، لا تؤهله صحته لمقاومة أي مرض يقترب منه، كما أن سلوكه سيكون عدوانياً حتى مع اقرب الناس فيظهر أمام الجميع نائماً ناكراً جاحداً فاشلاً.
النصيحة النهائية، لا تنتظر الوظيفة التي قد لا تأتي، انطلق اليوم للبحث عن شغفك وأقبل المبادرات المحيطة بك، تطوع لوجه الله وساعد الإنسان والحيوان والنبات، فأنت خليفة الله في الأرض، ولا تيأس من رحمة الله، فلن تكون سعادتك في الراتب والمال حتى وإن امتلكت ملايين الدنيا. وسأعيد في هذا السياق مقولة كتبتها في مقال سابق وهو (وصفة السعادة المهنية)، وأخيراً وليس آخراً، فإن الإعداد لكل ما سبق يتطلب وجود تحفيز ذاتي ينبع من داخل الإنسان، وهذا التحفيز ستجده من بوابة السعادة التي تفرز في أجسامنا من خلال أربعة هرمونات (اندروفين، دوبامين، سيروتينين، أوكسيتوسين) ينصح الأطباء بتحفيز إفرازها من خلال أربعة ممارسات (رياضة، إنجاز، عطاء، لقاء) بتكرار يومي سيجعل الإبتسامة لا تفارقك، ولن تحتاج حتى للمال الوفير أو الأمان الوظيفي أو حتى لكلمة شكر أو مكافأة حتى تقول (أنا سعيد) وجاهز لتنفيذ دوري في تحقيق أهداف وطني وفقاً لرؤية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال