الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التنمية الإقتصادية المستدامة هدف استراتيجي لكل دولة تبحث عن الرخاء ما بقيت على وجه الأرض، فاقتصاد مستدام يعني أمن عالي وتعليم متطور وخدمات صحية ذات جودة عالية وبيئة أعمال جاذبة ….والقائمة تطول؛ ولتتمكن الدول من تحقيق ذلك لابد لها من إعادة هيكلة قطاعاتها المختلفة بما يتوائم مع مستهدفاتها والظروف التي تحتف بواقع الحال، فاليوم لم يعد النموذج التقليدي الذي كانت تقوم عليه مؤسسات الدولة يتماشى مع ما تصبو إليه لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
فالقطاع الحكومي الذي يُثقل بالتصميم والتشييد والتشغيل والإدارة والتمويل بشكل مركزي يفضي إلى خدمات أقل جودة و معدلات توظيف محصورة ويلقي بعجز على كاهل ميزانية الدولة ليهدد باقتصاد مهترىء تتلقفه الأجيال القادمة!
لذا أخذت الدول المتقدمة بما في ذلك المملكة العربية السعودية بنموذج الشراكة مابين القطاعين العام والخاص (Public Private Partnership)، والذي يخول للقطاع الخاص بموجب عقد الشراكة تشغيل أو إدارة أو تمويل أو تقديم الخدمات على أن يضطلع القطاع الحكومي بدوره الأساس المتمثل في رسم السياسات والرقابة؛ ولاشك أن مثل هذا الأسلوب يلقي بظلاله على رفع مستوى الخدمات المقدمة، ويعد رافدًا لاقتصاد مستدام.
وللتماشي مع أسلوب الإدارة الحديث صدر نظام التخصيص بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/63 وتاريخ 5/8/1442هـ، لوضع الأطر القانونية لعقود التخصيص، حيث حدد الأهداف الذي يصبو لها النظام ومن أهمها ترشيد الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني وشمولية وجودة الخدمات، كما أن التخصيص يحفز البيئة الاستثمارية ويوفر لها المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية.
ولاستهداف المملكة وفق رؤية 2030 زيادة حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي قرابة 65% بحلول عام 2030م فإن نموذج التخصيص يحقق هذا الغرض بما ينعكس على النمو الاقتصادي.
وبلا أدنى شك أن هذا النموذج يساهم في خلق المزيد من الوظائف، كما أن نظام التخصيص يستهدف توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول الحكومية.
وفي نظرة تحليلية سريعة فإن النظام جاء مرنًا ومحاكيًا لمتطلبات جذب الاستثمار، ومواكبا للممارسات العالمية الحديثة في هذا الشأن، حيث أجاز النظام في ديباجة المرسوم الملكي الاتفاق على فض المنازعات الناشئة عن عقود التخصيص أو أي عقود تابعة له من خلال التحكيم وفق قواعد سواء أجري التحكيم داخل المملكة أو خارجها.
وبموجب النظام فإن عقد التخصيص يأخذ إحدى صورتين إما من خلال شراكة بين القطاع العام و الخاص، أو من خلال نقل ملكية الأصول.
وتمثل الشراكة بين القطاع العام والخاص ترتيب تعاقدي مرتبط بالبنية التحتية أو الخدمة العامة، ينتج عنه علاقة بين الحكومة والطرف الخاص، وتكون مدته أكثر من خمس سنوات على أن يؤدي الطرف الخاص أعمالاً تشمل اثنين أو أكثر من التشييد أو الإدارة أو التصميم أو الصيانة أو التشغيل أو التمويل، مع وجود توزيع كمي ونوعي للمخاطر بين الأطراف، ويكون المقابل المالي الذي يستحقه الطرف الخاص أو يلتزم به بموجب العقد مبنيًا بشكل أساس على مستوى أدائه في تنفيذ الالتزامات المسندة إليه.
وعرف نقل ملكية الأصول بكونه ترتيب تعاقدي مرتبط بالبنية التحتية، أو الخدمات العامة ينتج عنه نقل ملكية الأصول من الجهة الحكومية إلى القطاع الخاص ومن صوره عقود ال (BOT) و (BOOT) و (BOO) ونحوها.
ولتحفيز سبل الشراكة بين القطاعين العام والخاص أناط المشرع بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية صلاحية اعتبار أي مشروع مرتبط بالبنية التحتية أو الخدمات العامة من قبيل مشاريع التخصيص الخاضعة لأحكامه حتى لو لم تنطبق عليه التعاريف الواردة بالنظام.
ولتعزيز إنجاح عقود التخصيص وزيادة فاعليتها أجاز المنظم تقديم الدعم المالي والائتماني لمشروع التخصيص بعد موافقة مجلس الوزراء، ولضمان ديمومة تقديم الخدمات باضطراد فإنه يجوز للجهة التنفيذية أن تباشر بنفسها أو من خلال أي طرف تختاره تنفيذ عقد الشراكة إذا ما أخل الطرف الخاص بالتزاماته وعجز عن تحقيق الجودة المطلوبة وفق الكيفية المحددة نظامًا.
ولتحقيق الكفاءة الاقتصادية يلزم طرح مشاريع التخصيص من خلال منافسة عامة، تكون فيها المساواة والمعاملة العادلة وتكافؤ الفرص أساسًا للتعامل مع المتنافسين، ويمكن طرحها بأساليب طرح تحددها اللائحة التنفيذية مستقبلاً كأسلوب المنافسة المحدودة أو التعاقد المباشر وغير ذلك.
وقد أجاز المنظم تعويض المتعاقد في عدد من المواضع كأن يتم إلغاء مشروع التخصيص قبل إبرام العقد وذلك إذا ما قرر مجلس إدارة المركز السعودي للتخصيص ذلك.
أيضًا في حالة تعديل الجهة التنفيذية شروط العقد لمقتضيات المصلحة العامة أو علقت تنفيذ المشروع؛ كما أجاز المنظم تمديد العقد للسماح للطرف الخاص باسترداد التكاليف الإضافية الناشئة عن الاشتراطات الإضافية التي ليس من المتوقع استردادها خلال مدة العقد الأصلية.
وفي حالة إنهاء العقد بالإرادة المنفردة فإن المتعاقد يستحق التعويض وذهب المنظم أبعد من ذلك في حال لم يخل المتعاقد بالتزاماته وأنهي العقد من جهة الإدارة فإنه يجوز تعويضه عن مافاته من كسب أيضًا.
ولضخامة مثل هذا النوع من المشاريع ولأغراض نقل الخبرة والمعرفة التي تتمتع بها العديد من الشركات الأجنبية فقد عاملها النظام سواسيةً بالمستمثر المحلي في مشاريع التخصيص.
ولاشك أن النمو المستدام الذي تعزوه حكومة المملكة وتسخر من خلاله جهودها هو النمو المستمد من قطاع حكومي كفئ وقطاع خاص متين ولاشك أن نموذج الشراكة ينقل النمو إلى الاستدامة والتطور إلى الاستمرار وكل ذلك يصب في مجرى اقتصادنا بالازدهار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال