الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في آخر حصيلة لجهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، أنها تمكنت استكمال الإجراءات النظامية بحق المتجاوزين، ومن بين هذه القضايا تورط 3 موظفين يعملون بأحد البنوك وهم مدير عمليات وصرافين بالتعاون مع 11 مقيم أسسوا كيانات تجارية، وأدير هذا الحساب من قبل المقيمين وتم إيداع مبالغ ماليه من مصادر غير مشروعة بلغت 505 ملايين و725 الف ريال، وتبين خلال التحقيق أن المقيمين كانوا يديرون 40 كيانا تجاريا وتحويلها الى الخارج.
ومن بين الحصيلة المعلنة، موظفون حكوميون أسسوا كيان تجاري وكانوا يحصلون على مشاريع من الباطن من شركات أجنبية، وبلغ إجمالي العقود التي حصلوا عليها 10 ملايين ريال، وتضمنت القائمة الجديدة التي نشرت امس بعض الخارجين عن القانون من قضاة وموظف في النيابة العامة، وكاتب عدل، ومراقب في الموارد البشرية يساعده 6 مقيمين، كان يتم إشعار المقيمين بالجولات التفتيشية قبل زيارة المواقع التجارية وحصولهم على مبالغ وعدم تحرير مخالفة عليهم.
استخدم أصحاب الكسب الغير مشروع في السعودية ممرات ودهاليز سرية وطرق لم تكن تعرفها السلطات الرقابية، وربما تكون بعض الجهات أو الأفراد كانوا يعرفون عن هذه الطرقات، إلا أنها كانت تغض البصر، وهذا ما دفع الكثيرين التعامل معه كأنه طريق آمن، واعتقد الناس هذا هو الطريق الصحيح وظل هذا الأمر يسير بكل أمان ودون خوف من العقوبة، وبدأت تتضخم وتكبر، وأصبحت هذه الممرات بداخلها ممرات أخرى سرية، هذا الأمر بدا يشكل قلق للحكومة السعودية خاصة وان نجوم ومحترفي هذه الممرات السرية بعضهم من وجهاء البلد وكبار المسؤولين، تقابلها ضعف الأنظمة والقوانين، وغياب الرقابة.
ولهذا حينما شرعت السعودية في مكافحة الفساد، بدأت في سن تشريعات وقوانين وأنظمة، وإقرار مشروع الذمة المالية والإفصاح والشفافية لموظفي الجهات الحكومية، وعدلت في المشتريات الحكومية وجعلته إلكترونيا تراعي فيه افضل العروض والأسعار والضمانات والجودة، ويهدف الى تنظيم الإجراءات بالأعمال والمشتريات ومنع استغلال النفوذ وتأثير المصالح الشخصية وذلك من اجل حماية المال العام.
نظام إلغاء الكفالة كان من اهم الإصلاحات الاقتصادية في سوق العمل، بعد أن استفحل التستر التجاري، وانتشر واصبح مصدر رزق للطرفين سواء للوافد المقيم أو للسعودي الكسول، وتضرر سوق العمل، من الدهاليز أيضا بيع الشيكات وشراءها من قبل بعض مندوبي الجهات الحكومية التي لديها أمر صرف لحقوق مقاولين أو تجار أو تعويضات، وكانت تشكل سوقا سوداء، فمثلا خلال الفترة الماضية الاشتغال بالتجارة بالخفاء لبعض كبار موظفي الدولة يعد مخالفة للأنظمة والقوانين، وبالتالي كسبهم الغير مشروع هو استغلال النفوذ الوظيفي وسوء الاستعمال الإداري، فضلا عن استغلال الموقوفين في السجون وإدخال ممنوعات لهم مثل أجهزة الجوال أو ابتزاز أسرهم كما حدث مع احد الوافدين وزوجته من قبل احد رجال الأمن يعمل في السجون.
من الطرق الخفية أيضا أن بعض الشركات استفادت من الدعم الحكومي بسبب جائحة كورونا، بطريقة غير نظامية حينما صرفت مبالغ.
بالطبع لا يمكن أن نعمم مجموعة أشخاص منتفعين من الكسب الغير المشروع ونعممه على البقية، لان المتكسبين هم فئة قليلة، أغرتهم غياب القوانين والتشريعات من هؤلاء موظفين في المحاكم قضاة، وفي وزارة الصحة من اجل استخراج تصاريح أو قبض رشاوي، من أوجه الفساد أيضا استغلال العقود المبرمة بين وزارة الصحة وبعض الفنادق المعدة للحجر الصحي، وهذا يعني أن البعض من الموظفين أراد أن يستفيد من الأزمة، وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة تكرس كل وقتها من اجل حماية المجتمع والحفاظ عليه، كان البعض يخطط كيف يستفيد من الأزمة.
التستر التجاري كان احد الممرات المهمة التي كان يسلكها أصحاب النفوذ واستطاعت فرق مكافحة الفساد من الإيقاع بهم وضبطوا اكثر من حالة، مقاولي الباطن والحصول على المناقصات الحكومية بتقديم رشاوي كانت من ابرز قضايا الفساد، وتسبب سوء اختيار المقاول الصحيح، في تعثر تنفيذ مشروعات، والتحايل من قبل موظفين كبار مع رجال أعمال بتأسيس شركات من الباطن للحصول على المنفعة ومشاريع من الباطن.
اللافت أن وزارة الإعلام أيضا كانت من ضمن الدهاليز التي تكسب أصحاب النفوذ بطريقتهم في منح تراخيص إعلامية، من الواضح أن إجراءات الصرف ودفع التعويضات والمطالبات المالية كان بها خلل كبير في السابق، حيث من السهولة أن يصرف محاسب أو يتحايل موظف في الحصول على قيمة عقود تشغيلية أو صرف تعويضات وتسجيل أقاربه في إدارة ما، دون أن يجد من يوقفه أو يحاسبه، وهذا الأمر تكرر مع اكثر من إدارة حكومية.
تطبيق الأراض من البلديات واستخراج تصاريح البناء دون تعقيد أو توفر الشروط، انتشرت بشكل لافت وتم بيع تراخيص بأسعار خيالية، هيئة الفساد تنبهت لمثل هذه السلوكيات، من القضايا الملفتة التي ضبطتها هيئة الفساد، هو إفشاء المعلومات لكثير من الموظفين في الإدارات الحكومية المهمة وبيعها للخصوم أو اطراف أخرى من اجل تحقيق مكاسب مالية، ومن صور الفساد ودهاليزها بعض موظفي البنوك يشاركون في تمرير حسابات لوافدين لتحويل مبالغ الى الخارج، وتأسيس رجال أعمال لكيانات تجارية وهمية.
من القصص الملفتة، أن التخليص الجمركي كان عرضة لاكتشاف حالات الفساد حينما حاول مواطنون ووافدون دفع مبالغ رشوة لتسهيل دخول حاويات دون دفع الرسوم، وبيع تأشيرات بطريقة غير نظامية لسفير مفوض في احد الدول الأفريقية، من الطرق الخفية أيضا لعرقلة الأنشطة التجارية ووضع الصعاب أمامها، حينما لجأ احدهم من الدفاع المدني في تعطيل تراخيص السلامة للمنشآت، وإجبارها على التعاقد مع المؤسسة التي أسسها موظف الدفاع المدني مع وافد عربي.
تخيلوا كم مؤسسة تجارية تعطلت مشاريعها وكم دفعت من اجل الحصول على تراخيص، دخلت ضمن طرق الفساد، العملة الصعبة، رأينا اليورو وحسابات خارجية، وفي تامين المركبات، كان الفساد حاضرا حينما تعمد احدهم أن يأخذ تعويض ضخم بعدما أمن سيارته لدى شركة تأمين، مقابل حادث وهمي، من الحوادث التي باشرتها هيئة مكافحة الفساد، قضايا غسيل الأموال بشكل لافت، مشروعات الدولة خلال جائحة كورونا ومبادراتها لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحمايتها، أصحاب التكسب الغير مشروع، استغلوها وحصلوا على مكاسب بطريقة غير نظامية وخاصة برنامج “هدف” و”ساند”.
من المضحك أيضا، أن الوافدين دخلوا سوق الفساد من أوسع أبوابه، بتشجيع من موظفين في الحكومة، وحصلوا على بعض مبتغاهم بمساعدة بعض الموظفين مقابل أموال، من اللافت أن جهاز مكافحة الفساد عرفت لهذه الدهاليز والطرق ومسالكها، لهذا نجحت في الإيقاع بهم ومع السنوات امتلكت خبرة، وساهم في نجاح خطتها ، تعاون المجتمع من خلال وسائل التواصل المختلفة التي أتاحتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد لتلقي البلاغات والشكاوى، فضلا عن تعاون الجهات الحكومية، وهذا يعني أن الحزم والشدة حاضرة لملاحقة أصحاب النفوذ والكسب الغير مشروع. ومثلما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “لن ينجو أحد تورَّط في الفساد أيًّا كان وزيرًا أو أميرًا”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال