الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عصر التحول الرقمي والانجازات التقنية المتسارعة في عالم الاعمال، يبقى نموذج العمل الانجح والاكثر استدامة هو النموذج الذي يحافظ على توازن ثلاثة زوايا، كونها زوايا لمثلث اساسي للنجاح، اثناء تنفيذ الاعمال والتغييرات الضرورية وتحقيق الاقتصاد المستدام، وهي زوايا: الافراد وعمليات سير العمل والتكنولوجيا.
ولنوضح أكثر…
الزاوية الاولى لمثلث النجاح هي الافراد، والمقصود بذلك ان تحتفظ الجهات، سواء الحكومية او القطاع الخاص، بالموظفين المميزين الذين يملكون الخبرات او المهارات الضرورية اللازمة للعمل، وتوظيفهم في الوظائف المناسبة وفي المكان والوقت المناسب، وتوفير بيئة العمل التي تتيح لهم الابداع وزيادة الانتاجية. ومن جهة اخرى، يجب كذلك مراعاة تحقيق الارباح المادية لجميع المستفيدين مثل المستثمرين واصحاب الاعمال والمستهلكين والعملاء، جميعهم على حد سواء. ومن هنا، تتضح وتنشئ اهمية الشراكات بين الافراد والمؤسسات والقطاع الحكومي مع القطاع الخاص، على الصعيد المحلي، وكذلك الشراكات بين المؤسسات والحكومات على الصعيد الدولي. وكذلك تبرز اهمية وجود التنوع الثقافي والعلمي للافراد من اجل الابتكار والابداع والقدرة على التطوير المستمر. ومن الجدير بالذكر ايضا، ان الاستدامة الاقتصادية تهدف إلى توفر فرص العمل والنمو وايضا زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة وتوفر عوامل الامان والرضى الوظيفي والاستقرار في أماكن العمل. ومن جهة اخرى، فان الاستدامة الاجتماعية تعمل على حماية البيئة وتوفير الامن الغذائي وفرض معايير للهواء والمياه لحماية صحة الانسان من التلوث وكذلك ضمان توفر الرعاية الصحية الأولية للجميع.
والزاوية الثانية للمثلث هي عمليات سير العمل، والمقصود بذلك أن تتمتع الجهات بعمليات سير عمل واضحة وبنية اساسية قوية ومرنة وقابلة للتغيير والتأقلم مع التغييرات. كما يجب أن تتوفر عناصر الحوكمة والسياسات الضرورية لتنفيذ عمليات سير الأعمال بفاعلية، وايضا من الضروري تحقيق جاهزية المنظمة على مواصلة اداء أعمالها في حالة حصول الحوادث الطارئة والطبيعية، بالاضافة إلى القدرة على التعامل مع المخاطر وادارتها بكفاءة. وتوجد العديد من مؤشرات الأداء الاساسية التي تهدف إلى قياس أداء سير الأعمال والتأكد من تحقيق الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية المرجوة، وتحسين أداء المؤسسات. كما يوجد العديد من المؤشرات الدولية والتي اعتمدتها المملكة العربية السعودية كأحد أهداف رؤية ٢٠٣٠ المطلوب تحقيقها من خلال تحقيق التقدم في المراكز الدولية لمؤشرات الأداء المختلفة وهي 700 مؤشر قياس عالمي عبر 12 محور قياس. وقد نجحت المملكة في الحصول على العديد من المراكز المتقدمة دوليا للعديد من تلك المؤشرات بما فيها المؤشرات الاقتصادية، خلال السنوات القليلة الماضية، حيث احتلت المرتبة الـ7 من بين مجموعة دول العشرين والمركز 26 عالميا في معيار التنافسية العالمي، والذي يقيس تنافسية 140 دولة على مستوى العالم، بالاعتماد على قدرة الدولة في الاستفادة من مصادرها المتاحة. كما ان المملكة حققت مؤخرا المرتبة الأولى عالميا في مؤشري “استجابة رواد الأعمال لجائحة كوفيد-١٩” و “استجابة الحكومة في دعم رواد الأعمال” وهما مؤشران يقيسان مدى اختلاف مستويات تحفيز ونشاط ريادة الأعمال على تأثير الجائحة حول العالم وفق تقرير “المرصد العالمي لريادة الأعمال” 2020 – 2021.
اما الزاوية الثالثة للمثلث، فهي التكنولوجيا، والمقصود بذلك وجود بنية تحتية تقنية وانظمة ذكية وتقنيات متقدمة ومبتكرة وآمنة مثل الصناعات في المجالات المختلفة مثل الطاقة والتعدين وغيرها، وكذلك استخدام التقنيات الحديثة مثل الحوسبة السحابية والامن السيبراني وبرمجيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والتجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية للجهات الحكومية والقطاع الخاص، وايضا ضرورة وجود بيانات ضخمة متوفرة ذات جودة عالية يعتمد عليها اثناء اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتشغيلية. ويجب كذلك ان تكون جميع تلك التقنيات مرنة بحيث تتيح استمرارية وجاهزية الاعمال وايضا تتيح إمكانية العمل عن بعد. ومن الجدير بالذكر ان صناعات التكنولوجيا في المملكة تعمل على توفير 124 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030 وذلك سينعكس على الناتج المحلي الإجمالي بأثر لن يقل عن 15 مليار ريال، اي ما يقارب 4 مليارات دولار، لهذه الفترة. وقد حققت المملكة العديد من الانجازات وتمكنت من القفز لمراكز متقدمة دوليا في مؤشرات البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي.
واخيرا، وليس اخرا، فمن المهم تأكيد أن تحقيق النمو الاقتصادي، في جميع الدول، يُقاس بالقدرة على تحقيق التنمية والاستدامة من خلال وجود مصادر ربحية دائمة، وتلك المصادر تحتاج لوجود ترابط بين جميع العوامل التي سبق ذكرها في ذلك المثلث الذهبي. وهو ما أدركته المملكة وتسعى إلى الاستمرار الناجح في تحقيقه والحفاظ عليه، عاما بعد عام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال