الشورى الخلاقة

الإنسان منذ بداية الخليقة وهو يبحث في نفسه ومحيطه وبيئته عن آليات حكم ترتقي به وبمحيطه وبأمته ووطنه إلى مصاف الأمم والأوطان المتقدمة والقوية والمستقلة بقرارها ومصيرها وصولاً للقرار الرشيد المحقق للمصلحة العامة. على سبيل المثال توصلت جهود وأفكار الإنسان إلى الكثير من أنظمة وآليات الحكم مثل نظام الحكم الديمقراطي الداعم للنظام الاقتصادي الرأسمالي، وتوصلت أيضًا إلى نظام الحكم الشيوعية الداعم للنظام الاقتصادي الاشتراكي؛ وغيرها من التجارب والأفكار التي أستقها الإنسان وأرتأ فيها الخير لوطنه وأمته.

ولا شك أن الإسلام جاء بمبادئ وأفكار عامة منظمة لشؤون الحكم الإسلامي لم تحدد آليات وأساليب محددة بعينها لنظام الحكم، تاركًا لكل أهل زمان تحديد واختيار الآليات والأساليب العادلة التي تتناسب مع زمانهم وظروفهم وتلبي احتياجاتهم وتحقق تطلعاتهم في بناء الدولة والارتقاء بمقدراتها ورفع شأنها وشأن أبنائها بين الأمم وفق تلك المبادئ السامية.

ومن أبرز مبادئ الحكم في الإسلام وأركانه العاقلة والحكيمة والرشيدة هو مبدأ الشورى، والمتمثل لدينا في مجلس الشورى الذي يضم أعضاء ونخب متميزين لهم خبرات إدارية متراكمة، ودراية أكاديمية كبيرة وعالية، هي محل التقدير والاحترام والاعتزاز.

وبما أن مبدأ الشورى في الإسلام مبدأ عام وغير محصور أو مقيد بأفكار بعينها، فإني أقترح تطوير التجربة الشورى لدينا لتتسع دائرة عضوية مجلس الشورى من الأفراد المتميزين إلى عضوية الكيانات ممثلةً بمؤسسات المجتمع المدني وغير الربحي والخيري والإنساني من خلال تعديل نظام مجلس الشورى ليكون هناك مقاعد ثابتة ودائمة لمؤسسات المجتمع المدني والغير ربحي والخيري والإنساني كهيئة الهلال الأحمر السعودي، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، واتحاد الغرف السعودية، وهيئة حقوق الإنسان، ومؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤسسة الملك خالد، ومؤسسة الأميرة العنود الخيرية، ومؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك).

اعتقد أننا سوف نوجد نظامًا شوريين فعالًا لم نُسبق إليه، بما يعزز قيم الحوكمة، ويرفع الفكر المؤسسي والمجتمعي ويوسع نطاق الفكر الشورى النوعي تحت قبة المجلس؛ لنصل إلى الشورى الخلاقة والتفاعلية والتشاركية الأكبر للمجتمع ومؤسساته المدنية والخيرية والإنسانية. دمتم ودام الوطن بخير.