الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إذا قمت بتبديل جوال قديم على سبيل المثال مع صديق لك مقابل إحدى مقتنياته، فإنك قد قمت بالمقايضة. والمقايضة هي نظام قديم، يتم من خلاله استبدال منتج بآخر، وقد تم استخدامه لمئات السنين في التجارة، وفي فترات الكساد في القرن العشرين، لكن في عصرنا الحالي عاد نظام المقايضة وفرض نفسه على الجميع في صور مختلفة؛ أهمها والتي سأتناولها اليوم في هذا المقال، هي مقايضة البيانات مقابل الخدمات.
شئنا أم أبينا، يتم استخدام بيانات المستخدمين على الانترنت والاستفادة منها من قِبل الشركات التقنية بشكل كبير، وقد حدثت الكثير من الاحتجاجات من المستخدمين، والمشرّعين حول مدى مشروعية وأخلاقية استخدام شركات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وجوجل، وغيرهما، لبيانات المستخدمين والاستفادة منها، إلا أن هذه النقاشات التي تدور حول هذا الأمر لن تغير من طبيعة وجود وتكوين نظام مقايضة حديثة على هذه الشبكات.
فعندما ننظر إلى الأمر من هذه الزاوية؛ سنجد أن هذه الشركات تُقدم خدمات تقنية هائلة بشكل مجاني، مقابل الاستفادة من بيانات مستخدمي هذه الخدمات، إذن الأمر يعود بالنفع والفائدة على كلا الجانبين، فإذا لم يرد المستخدم أن تُنتهك بياناته ويتم الاستفادة منها من خلال الإعلانات التي تستهدفه، فيمكنه بسهولة التخلي عن استخدام خدمات هذه الشركات؛ إلا أن غالبية الأشخاص يستمرون في استخدام المنصات الاجتماعية علـي الرغم من معرفتهم باستخدام بياناتهم، وذلك بسبب أهمية هذه المنصات لهم.
من خلال رؤية العلاقة بين الشركات التقنية ومستخدميها، من منظور المقايضة، يُمكن للجميع سواء المستخدمين، والمشرّعين، والاقتصاديين، في تحويل دفة النقاش إلى كيفية تحسين استخدام البيانات لتكون أكثر أخلاقية، وتوفير المزيد من التحكم للمستخدمين في بياناتهم، كذلك يُمكن للشركات نفسها أن تعمل على توفير مزيد من الشفافية حول مدى استخدام بيانات المستخدمين وعلى أي مستويات.
هذا النقاش، وهذا الجدل الدائر، يجعلنا ننظر إلى مدى أهمية الاستفادة من البيانات بشكل عام محليا في المملكة، وحسن إدارتها وتنظيمها، ويجب أن نشّجع شبابنا ورواد الأعمال، على ترك بصمة عالميا في تقديم خدمات تقنية، تنافس الشركات العالمية، فمن يمتلك البيانات، أصبح يمتلك مصدر من مصادر القوة.
أخيرا؛ يجب ألا نغفل الدور المهم الذي تقوم به الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، من خلال إطلاق “أكاديمية سدايا” التي تستهدف بناء وتأهيل وتمكين القدرات الوطنية في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، ودعم القطاعات الحكومية والخاصة، وتعزيز التعاون مع الجهات المحلية والإقليمية والعالمية الرائدة في استخدام وتحليل البيانات، وننتظر المزيد من الدعم لهذه المجالات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال