الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“إن خوفي من التحدث أمام الناس كان سيحدّ حتما من خياراتي المهنية، وكان سيعيقني عن تحقيق أي تقدم ملموس”
جلين سافاج – مدرب التحدث أمام الجمهور
قبل أسبوعين قمت بأجراء استفتاء سريع، شارك فيه أكثر من 3883 مشارك وذلك على منصة لنكيدإن سألت فيه: هل ترى أن الخوف من التحدث أمام الجمهور والظهور أمام الناس قد يعيق من تقدمك المهني مستقبلاً، أو قد يكون عائق لحصولك على فرص وظيفية أفضل، توصلت من خلاله أن 79% من المشاركين أجابوا بنعم، بينما 21% قالوا بأنه لا يعيق من تقدمنا المهني.
وفي تقرير أعدته شركة “IBM” عام 2013 تحت عنوان رحلتك إلى الإدارية التنفيذية وهو موجه للمدرين بشأن سبل الوصول إلى المناصب التنفيذية ، ينصح معدو التقرير بالمبادرة بالتحدث أمام الجمهور كلما أتيحت الفرصة والمشاركة.
القدرة على التحدث بشكل جيد أمام الناس مهارة حقيقية مهمة في حد ذاتها بغض النظر عن الهدف أو الغاية من ذلك الحديث ، يقضي أغلبية الناس اليوم وقتهم في التواصل والأحاديث فيما بينهم ، إلا أنّ الكثيرين يشعرون بالارتباك والخوف عند التحدث أمام الجمهور إلا أن هذا الخوف ربما يحدّ من فرصك في الحصول على المهنة المناسبة، إذ توصلت دراسة أجريت على 600 موظف قامت به GMAC RESEARCH TEAM عام 2020 إلى أن “القدرة على التواصل اللفظي” جاءت على رأس قائمة المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل، في حين جاءت “مهارات الخطابة والعرض” في المرتبة الرابعة، أما المهارات الإدارية المعتادة مثل “الأنشطة الإدارية” فقد جاءت في مؤخرة القائمة.
ذكر هارفي كولمان صاحب كتاب “Empowering Yourself”، ثلاثة عوامل أساسية لتحقيق النجاح المهني ابتدئها بالأداء والخبرة والمعرفة التي لديك وثانيها الصورة الاجتماعية عنك وثالثها الظهور أمام الناس وما ينطوي عليه من مهارة العرض والالقاء. ويكمل تعليقه كولمان بإن النجاح يعتمد بنسبة 60% على الظهور أمام الناس ، بينما نسبة 30% على الصورة الاجتماعية ونسبة 10% على الأداء.
من خلال مرورنا السريع هذا نصل إلى حقيقة أن مهارات العرض والإلقاء هي إحدى المهارات الأساسية التي ينبغي تعلمها والتدرب عليها مبكراً مثل سائر المهارات ، إذ يشترط الآن في الكثير من المقابلات الوظيفية، وخاصة الوظائف القيادية، أن تعرض مهاراتك وتقدم نفسك أمام مجموعة من المديرين مشكلة لهذا الغرض ، بل بالنظر إلى الاتجاهات الحديثة اليوم حول المهارات الناعمة نجد أن مهارة الاتصال وما يتفرع منها من إلقاء وتواصل وقدرة على الاتصال اللفظي جاءت على رأس قائمة المهارات التي يحتاجها الممارس في سوق العمل.
من خلال هذه المقالة سأصف لكم تجارُبي التي مررت بها، والتي آمل أن قد تساعدك هذه النصائح لإلقاء خطابك الأول ليس فقط بدون خوف، بل وأنت تشعر بحماس لفعل ذلك ! أعلم أن هناك الكثير من الطرق لتخطي هذا الحاجز ولكني سأصف لك الطرق التي نجحت معي شخصيا.
اجتماعات عن بعد :
رغم أن أغلب الأعمال بات من الممكن تأديتها خلف شاشات الحاسب تحديداً بعد أزمة كورونا ، إلا أن التطور المهني لا يزال يعتمد على ظهورك أمام الجمهور وتحدثك إليهم ، أعني بالجمهور سواء موظفين أو عملاء للمنظمة ، وحيث أن الاجتماعات اليوم عبر الانترنت (عن بعد) حلّت محل المكالمات الهاتفية وكذلك اللقاءات الحضورية التي بات معها الموظف مواجهاً لزملائه وعملائه أكثر من أي وقت مضى ، فتوظيف ذلك بما يعود عليك في تطوير هذه المهارة يعد فرصة ذهبية ، ، حيث أنها إحدى أحدث الطرق في التواصل التي يجب أن يستثمر فيه الموظف باحترافية للاستفادة منها.
مؤتمرات تيد :
نجد بفضل شعبية وتأثير محاضرات مؤتمر التكنولوجيا والترفيه والابتكار، المعروف اختصارًا باسم (تيد)، والذي يعقد سنويا في فانكوفر، بكندا منذ سنة 1984، والمنتشرة محاضراتها عبر الإنترنت منذ عام 2006 تحت شعار “أفكار جديرة بالنشر”، حيث غدت ظاهرة ثقافية ، أصبحت مدرسة ودورات مجانية لمن يريد أن يطوّر من نفسه مهنياً بمشاهدتها ومتابعتها، تصب في مصلحة الأشخاص الذين يبحثون عن التحدث والالقاء أمام الجمهور..
الممارسة، ونادي توستماسترز:
يقول لوفمان: “بعض الناس الذين أعمل معهم يتحدثون أمام الناس مرة واحدة كل عام أو كل ثلاثة أشهر، وفي هذه الحالات من السهل تجاهل الأمر وعدم التفكير فيه.
وبالممارسة تصبح هذه المهارة جزءًا من أسلوبك في التواصل تلقائيًا، بحيث لا تحتاج للقلق حيالها عند إلقاء خطابك المقبل أمام الجمهور ، ومن الأفضل أن تقوم بذلك أمام مجموعة من الأشخاص الُمشجعين لك! هذا لن يجعل فقط الأمر أسهل بل سيُساعدك على اكتساب المزيد من الثقة عند الحديث.
في سياق ذاته أتذكر والدي رحمه الله وأعلى ذكره والذي له الفضل الكبير بعد الله في هذا الأمر، بسبب ما عودنيه من صغري لأكسر حاجز الخوف بالتحدث أمام الآخرين بدعمه لي بالمشاركة في اذاعات المداراس ومحافل الخطابة، بل كأن يأمرني في صغري وأنا في المرحلة الابتدائية بأن أقوم بوضع المساند والتكايات أمامي لأقوم بالإلقاء عليها وأمامها وكأنهم أشخاص حضور أمامي.
إذ لا بد من الممارسة والاعتياد بالحديث أمام جمع من الناس، لهذا نجد أن الكثيرون ينضموا إلى مؤسسة ” Toastmasters” العالمية لتنمية مهارات الخطابة والالقاء ، وهو نادي ملهم يساهم في مشاركة التجارب والمعارف وينمي قبل كل شيء مهارة التحدث أمام الجمهور ، حيث يمكنك تحسين نوعية صوتك بما يتناسب مع المحتوى الذي تود مشاركته مع الآخرين من خلال ممارسة تمارين التنفس والسكتات ونبرات الصوت.
الإعداد
يقول غاري لوفمان، وهو عالم النفس المهني ومستشار الأعمال إن السر وراء إلقاء كلمة ناجحة هو الإعداد، وهذا لا يعني أن تحفظها بأكملها عن ظهر قلب، بل ينصحان بحفظ أول جملتين أو ثلاث جمل، أو أول بضع دقائق، لتبدأ بداية موفقة. وبعد ذلك، استعن بشرائح أو بطاقات تساعدك على التذكر لتنتقل من فكرة إلى أخرى في أثناء تقديم العرض.
ويقترح لوفمان أن تستحضر سلفا صورة المكان الذي ستلقي منه الكلمة، فتصور كيف ستبدو الغرفة؟ وأين ستقف؟ ويواصل حديثه لوفمان: “بأن لا اختلاف حين يتفاعل العقل مع الفعل كثيرا عن تفاعله مع التفكير، ولذا، فإذا رسمت في مخيلتك صورة غنية بالتفاصيل، سيقل القلق والتوتر تدريجيا”.
غير طريقة تفكيريك
عندما تستطيع الانتقال من التفكير في نفسك وما قد يعتقده الجمهور ويظنه عنك أو في انطباعاتهم تجاهك إلى التفكير في الجمهور فقط وطريقة ايصالك للرسالة لهم بدون متاعب؛ فحينها تستطيع وضع اللّمسات الأخيرة للبدء في إلقاء عرضك الذي ترغبه. أهم نصيحة هي تحويل الانتباه، حيث يقول لوفمان: “عليك أن تحول تركيزك من نفسك إلى الجمهور الذي تخاطبه. فإن التركيز على الذات هو مصدر الخوف الذي ينتاب أغلب الناس من مخاطبة الجمهور، ‘ماذا لو كان أدائي كارثيا؟’ ‘ماذا لو أخفقت؟’، ولكن في الحقيقة، يجب أن ينصب اهتمامك على إيصال الرسالة للجمهور، وإذا حظيت بإعجاب الجمهور، فهذا يحسب لك”.
واجه الخوف ولا تهرب منه.
الخوف من التحدث أمام الجمهور يُعد واحدا من أكثر المخاوف صعوبة ، ونوع شائع من القلق، وقد يتفاوت بداية من التوتر الخفيف إلى الخوف الشديد ، لكن ما يجب علمه هو أنك لست الوحيد ، وأسبابه طبيعية ومتأصلة في دواخلنا ، إذ أنه مع ما الخطوات أعلاه واصرارك بأن هذا طبيعي في البدايات ـ وأن لا مجال للهروب منه ، سيسهل عليك الأمر حينه مع الأيام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال