الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لنبدا بتعريف مبسط “للعملة الرقمية”، وهي أنها رصيد مالي او عملة إلكترونية، يتم امتلاكها والتعامل بها افتراضيا عبر شبكة الانترنت، فهي ليست عملة مادية ولا يمكن الاحتفاظ بها في محفظتنا او ايدينا، وانما تُعد نوعا من “الممتلكات الرقمية” والتي تُحفظ كبيانات باستخدام تقنيات تشفير عالية الامان لا يمكن اختراقها، مثل تقنية “بلوكتشين”. ويمكن للعملات الرقمية شراء الخدمات والبضائع عبر شبكة الانترنت، كما يُمكن تداولها سعياً وراء الارباح المالية.
وأكثر العملات الرقمية شعبية هي عملة “بتكوين” او كما يُشير لها الكثير من المستثمرين بإسم “الذهب الرقمي”، والتي انشأها شخص بإسم مستعار، وهو “ساتوشي ناكاموتو”. وقد تم الاتفاق على أن تكون الكمية القصوى لعملة بتكوين هي 21 مليون وحدة عند إطلاقها، وكان السعر دولار واحد لكمية 1309 بتكوين، ثم شهدت هذه العملة تطورا كبيرا ليصل سعرها إلى 19700 دولار في عام 2017م ، مما جعلها العملة الرقمية الأكثر شهرة وشيوعا. وتوجد عملات رقمية اخرى ولكنها اقل شيوعاً مثل “دوج كوين” و”إيثيريم” و”تيثر” و”لايتكوين” وغيرها.
وبصفة عامة، فقد حظيت العملات الرقمية مؤخرا بارتفاع قيم واعداد ضخ السيولة النقدية فيها، واصبحت محط انظار المستثمرين في الكثير من الدول، فهي تُعد أداة استثمار ذات عائد سريع، كما انها أداة استثمارية ذات خسائر سريعة ايضا. ولذلك يجب الحذر أثناء التداول بها، لأن هناك الكثير من المواقع الإلكترونية في شبكة الإنترنت التي تحاول التحايل وخداع المستثمرين بالعديد من الطرق ومنها تقديم ادعاءات غير صحيحة ومبالغ فيها تتعلق بسعر عملة بتكوين، على سبيل المثال. كما يجب تٌذكر والحفاظ على كلمة المرور الخاصة بمحفظة العملات الرقمية، وعدم فقدانها او سرقتها، وبالفعل، فقد تسبب فقدان بعض كلمات المرور في حظر العديد من رجال الأعمال من الوصول لثرواتهم الهائلة من العملات الرقمية والتي تُقدر بملايين الدولارات.
ولذلك، قبل أن نستثمر في بتكوين وسائر العملات الرقمية، وقبل الخوض في عمليات الشراء والبيع والتداول، هناك معلومات هامة يجب ان تُوضع في الاعتبار اولا.. ومع تلك المعلومات، يوجد التساؤل الهام وهو: لماذا نريد الاستثمار في العملات الرقمية، رغم انها غير مدعومة من جهات حكومية رسمية، مما يعكس احتوائها على مخاطر أكبر من الأدوات الاستثمارية التقليدية..؟ إذا كان الدافع هو ان العملات الرقمية تحظى بشعبية كبيرة في وسائل الإعلام حاليا، فيجب إدراك انها عملة متقلبة، تمر قيمتها بأرباح ومخاطر عديدة، ففي عام 2017م على سبيل المثال، كانت قيمة بيتكوين حوالي 3000 دولار، ثم ارتفعت القيمة إلى 11000دولار ثم 19700 دولار، في نفس العام كما ذُكر سابقا، ثم انخفضت القيمة لاحقا إلى 7000 دولار، ثم ارتفعت من جديد. وهو تقلب بنسب كبيرة خلال مدة زمنية قصيرة.
ولذلك، ورغم صعوبة توقع الارتفاعات والانخفاضات في العملة الرقمية، فإن الكثير من الخبراء، في مجال تحليل السوق، يقترحون عدة استراتيجيات كمحاولات مبدئية للتوقع، حيث يوصي هؤلاء الخبراء بفهم عوامل الطلب والعرض في السوق والاستخدامات المستقبلية للأصول التي يتم شراؤها، وكذلك يوصي الخبراء بضرورة معرفة مدى تأثير الأحداث الاقتصادية العالمية، وايضا تأثير تصريحات وتغريدات بعض المؤثرين في منصات التواصل الاجتماعي، على أسعار العملات المشفرة. وكما حدث قبل عدة شهور، فقد تسببت بعض تغريدات ايلون ماسك، رئيس شركة تسلا، بخفض عملة بتكوين بنسبة 5.4 %. كما يوصي الخبراء كذلك بأن ينضم المهتمين بتداول العملات الرقمية إلى مجتمعات المستثمرين ليتم اعلامهم بأخر أخبار ومستحدثات عالم العملات المشفرة، مع تذكر دائما انه لا يمكن توقع دقيق للعملات الرقمية.
ومن جهة اخرى، فإن العملات الرقمية قد تمتعت ببعض المزايا والكثير من الدعم. وذلك بعد أن قامت العديد من المنصات المالية الدولية بالسماح بشراء وبيع العملات الرقمية عبر منصاتها مثل Paypal و”سكوير”. كما قامت العديد من الشركات العملاقة مثل “سكوير” بالاستثمار في العملات الرقمية من خلال شراء ملايين الدولارات في عملة بتكوين الرقمية، وكذلك قامت شركة تسلا، في بداية عام ٢٠٢١م، بشراء ما يقارب من مليار ونصف دولار من عملة بتكوين الرقمية. وهو مبلغ ضخم ساعد في دعم بتكوين وزيادة عدد المستثمرين.
واخيرا وليس اخرا، يجب ان نتذكر انه وكما يُمكن للاستثمار في العملات الرقمية أن يزيد من ثروة الفرد، الا وأنه قد يتسبب في جعله يخسر جميع امواله التي استثمرها، فهي عملات يرتبط سعرها بالأداء الاقتصادي والسياسي للدول. كما ان العملات المشفرة قد واجهت عدة انتقادات ترتبط بسهولة استخدامها في أنشطة غير قانونية مثل غسيل الأموال واختراق العقوبات الدولية كتمويل الارهاب وتجارة المخدرات، إلى جانب ضعف البنية التحتية الخاصة بها، مما قد يجعلها بيئة غير جاذبة للبعض، وبالفعل، فقد منعتها العديد من الدول مثل الهند وتركيا. وعلى النقيض لذلك، فقد سمحت دول اخرى بتداول العملات الرقمية، مثل كمبوديا والصين واليابان والولايات المتحدة الامريكية. اما على صعيد الاتحاد الأوروبي، فقد دعت ألمانيا لإطلاق عملة رقمية أوروبية مشتركة، بهدف إنشاء عملة يورو رقمية، واستخدام عملة بتكوين الرقمية “كوحدة حساب” لغرض الضرائب والتجارة في البلاد. ويبقى التساؤل ما بين وجود مزايا ومخاطر للاستثمار في العملات الرقمية.
وبالتالي، يظل خيار التريث، في الوقت الحالي، هو الحكمة والامثل، كما يرى الكثيرون، وذلك إلى أن ينضج وجود سوق العملات الرقمية في المستقبل القريب، بصورة قانونية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال