الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ولد مصطلح الاستدامة الاقتصادية Economic sustainability عبر ادبيات التنمية المستدامة والتي تشكلت في العديد من الاطروحات والاثراء المعرفي الاقتصادي وهو ما فتح الآفاق الجديدة في بعدها الاقتصادي الى أهمية هذا الفكر الاقتصادي في بناء الحاضر واستشراف المستقبل. وذلك من خلال الاستثمار الأمثل في عناصر الإنتاج والعمليات الإنتاجية بشكل مُستدام ، باستخدام استراتيجيات ونظم متعددة لتوظيف الموارد الطبيعية والبشرية والمالية وحمايتها والمحافظة عليها بطرق مثالية وصولاً الى خلق توازن مُفيد ومُستدام على المدى الطويل.
هذا الاسهام الفكري الجديد يضع استخدامات مفهوم الاستدامة بشكل عام على نحو من بناء أنظمة الحياة وربطها بالمقومات العلمية وتعزيز دور تلك الأنظمة الطبيعية في خلق مساحات أوسع من التنوع والإنتاج المتوازن حسب الاحتياجات ومن ثم دمج التكنولوجيا والبيئة على نحو من الاستدامة وتكييف الاقتصاد لدعم مستوى معين من الإنتاج طويل الاجل في سياق الأعمال والأنشطة الاقتصادية المختلفة على مستوى الاقتصاد الجزئي والكلي .
اُطلق مصطلح الاستدامة للمرة الأولى في 20 مارس من العام 1987، من قبل مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية والذي عرفته بالأنشطة الاقتصادية التي تلبي حاجات الجيل الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم .
لطالما تنامى الاهتمام عبر مختلف المجالات الاكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الاعلام بهذا الاقتصاد الجديد وهو لم يعد يقتصر على الموارد الطبيعية كأحد عناصر الإنتاج بل تجاوزه الى قوة العمل والاستثمار في رأس المال البشري باعتباره المحور واللاعب الرئيس الذي من خلاله تقوم بقية العناصر الإنتاجية إضافة الى رؤوس الأموال الأخرى وبالتالي اشتمل هذا الحراك على كافة عناصر الإنتاج.
عبر التاريخ الاقتصادي منذ بدء الخليقة كان الانسان يسير عبر مراحل النشاط الاقتصادي بالاستهلاك أولاً ثم تأتي عمليات الإنتاج لاحقاً حيث كانت تلك العمليات الإنتاجية متغيرة ومحدودة وفقاً للظروف الاقتصادية آنذاك ووفقاً للإمكانات المتاحة من الموارد الطبيعية بيد ان توفر عوامل الاستدامة المعيشية لم تكن بالمفهوم الفلسفي والرؤية المستقبلية التي نراها اليوم والتي تعد نتاج علمي أملته الحاجة الى الحفاظ على تلك الموارد من النضوب بالتوزيع العادل لها للأجيال القادمة وأيضا من اجل الإبقاء على كوكب الأرض نظيفاً وخصباً بميزات مستدامة توفر بيئة افضل لممارسة الأنشطة الاقتصادية .
يشمل نطاق الاستدامة الاقتصادية عدد من المكونات والأنشطة ومنها الاستهلاك وهو نسبة الاستفادة من الموارد الطبيعية التي يمكن ان تساهم في استدامة الكائنات الحية ولذلك فان توجه الاستهلاك هنا يكون بالقدر المتوازن وباقل الحدود الممكنة وبالتالي المحافظة على استدمتها . المكون الآخر الموارد وهي تشمل كافة المصادر الطبيعية والصناعية التي تساهم في دعم هذا المكون للقيام بدوره على نحو من الاستدامة والإبقاء على القدر الأكبر منها بلا نضوب ، المكون الأخير : التكنولوجيا وذلك بالتأثير العلمي الحديث ودمجه بالموارد الأخرى لكي توصلنا في النهاية الى الاستدامة حيث تلعب البحوث العلمية والابتكارات والابداع والمهارات دوراً اكبر في خلق اطر مستدامة في جميع الأنشطة الاقتصادية انتاجاً واستهلاكاً .
خطت المملكة العربية السعودية خطوات متقدمة في هذا الاتجاه من خلال رؤية المملكة 2030 وهناك العديد من المبادرات الرامية إلى تحقيق أهداف الاستدامة التي شملت كافة العناصر الإنتاجية فنجد على مستوى الموارد الطبيعية نيوم ذا لاين ، والتي تستهدف المحافظة على 95% من الطبيعة بصفر سيارات ، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية.
وهناك أيضا في هذا الاتجاه مشاريع البحر الأحمر ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وإطلاق برنامج وطني للطاقة المتجددة لتعزيز مشاركة الشركات المحلية والدولية في مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة ، بالإضافة إلى طاقة الرياح، ومشاريع الطاقة الشمسية. ومبادرة السعودية الخضراء”، و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر وغيرها الكثير وكذلك الحال في القطاع المالي والاهتمام بمحور الاستثمار في الانسان السعودي ناهيك عن نشر الوعي الاستهلاكي المتوازن ودعم اطر البيئات النظيفة والصديقة.
مجمل القول : الاستدامة الاقتصادية نهج جديد يقوم على الوعي والايمان بأهميته ومسؤولياته لا تقتصر على المنشآت والأنظمة التشريعية فحسب بل انننا جميعا مسؤولين وملتزمين بما نمارسه من أنشطة يومية بدء من الاستهلاك وانتهاء بالمحافظة على المقدرات الطبيعية في أي مكان وفي أي زمان .. وطابت اعيادكم بالمسرات .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال