الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يفترض أن نلمس تغييرا جوهريا في الأنشطة التجارية التي يملكها المستثمرون الوافدون تحت مسميات رجال أعمال سعوديون، ضمن برنامج مكافحة التستر التجاري والذي ينتهي يوم 23 أغسطس المقبل بعد مهلة استمرت 120 يوما التي منحها البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري لتصحيح أوضاع المخالفين والمتقدمين بطلبات التصحيح للاستفادة من الفترة الممنوحة، وقبل أسبوع أعلن البرنامج تخفيض اشتراطات الترخيص الاستثماري للمستفيدين من الفترة التصحيحية.
ولا اعرف كيف ستتعامل وزارة التجارة واللجنة المعنية بمكافحة التستر، مع رؤوس أموال تقدر بنحو 400 مليار ريال تعمل في السوق، خلال مدة المهلة اكتفت اللجنة بإصدار البيانات الرسمية فقط، وظهر مرة أو مرتين المتحدث الرسمي ليوضح لنا التفاصيل، وتوقعت انه خلال الـ 120 يوما سنرى تحركا واسعا من أعضاء اللجنة وإعلانات في الصحف والطرقات، وتشترك الغرف التجارية بدورها بتنظيم لقاءات تدعوا فيها رجال أعمال سعوديين ووافدين، خاصة وان الغاية هو استهداف المستثمر المقيم وإقناعه بأهمية تحويل نشاطه التجاري من اسم الكفيل السعودي الى اسمه ويتخلص من دفع الإتاوات الشهرية أو السنوية حسب المتفق بين الطرفين، ولم تتحرك صحفنا وتلفزيوناتنا أو تشبعها لقاءات وتستجوب المسؤولين، للأسف مرت الـ 120 يوما مثل أي مشروع عادي ينتظره الناس متى ينتهي ، وربما أتساءل لماذا لم يتكرموا السادة الوزراء والتقوا في حوار مفتوح مع المستثمرين الوافدين ليسمعوا منهم، نريد أن نعرف لماذا يلجأ الوافدون الى التستر والاختفاء خلف سعودي لممارسة أنشطتهم التجارية، بالتأكيد هناك خلل في التحول من تستر تجاري الى ممارس فعلي باسم وافد أو شريك سعودي، لا نعلم ما هو، حتى القرار الأخير الذي صدر من البرنامج الوطني لمكافحة التستر صدر على عجل، وقبل أسبوعين، والخاص بتخفيف اشتراط تحقيق المنشآت للإيرادات السنوية من 40 مليونا الى 10 ملايين، وزيادة مهلة تحقيق رأس المال المطلوب للأنشطة المقيدة من 3 الى 5 سنوات، نشر خبر مقتضب في الصحف، تعرفون ماذا كنت أتوقع، أن يظهر وزير الاستثمار في مؤتمر صحفي ويمنح الفرصة لحضور المؤتمر المستثمرون المقيمون والوافدون، ويسأل خلال المؤتمر مندوبو وسائل إعلام اجنبيه أردية بنغالية باكستانية مصرية سوية وجنسيات أخرى، لأننا نريد أن يفهم الوافد، مكافحة التستر موجهة للوافد وليس للسعودي.
المزايا التي أعلنت لن نختلف عليها إنها فرصة، وهي تتضمن برنامج التصحيح الترخيص الاستثماري بالاتفاق بين السعودي وغير السعودي على الشراكة في المنشأة أو تسجيل المنشأة باسم غير السعودي.واستمرار السعودي في ممارسة النشاط الاقتصادي بإدخال شريك جديد في المنشأة، وتصرف السعودي في المنشأة، وحصول غير السعودي على الإقامة المميزة، ومغادرة غير السعودي المملكة بصفة نهائية.كما يمكن البرنامج الراغبين في تصحيح أوضاعهم والذين لا تنطبق على منشآتهم اشتراطات حجم المنشأة المذكورة أن يقوموا بالتصحيح من خلال حصول غير السعودي على الإقامة المميزة.ووفق الاشتراطات المحدثة للائحة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر يعفى المستفيدون من الفترة التصحيحية عن طريق وزارة الاستثمار من اشتراط الوجود الدولي للمنشأة المستفيدة، في حال تحقيق عددٍ من الشروط والمتطلبات، منها أن يكون عدد الموظفين للمنشأة طالبة التصحيح 50 فأعلى أو إيرادات المنشأة للسنة الأخيرة 10 ملايين ريال فأعلى، ومقيدة في السجل التجاري قبل بدء الحملة التصحيحية، وأن يكون الشريك الأجنبي مقيمًا في المملكة قبل بدء فترة التصحيح، وعدم ممانعة صاحب عمل الشريك الأجنبي.
وبصراحة تجربة مكافحة التستر ليست جديدة في السعودية فنحن منذ عقود نحاول تصحيح الأنشطة التجارية وغلظنا العقوبات، والغرامات المالية والتهديد بالسجن ومنع السفر وطرد خارج البلاد ومنع الدخول مع المستثمر الوافد، ومع ذلك لم يسمن ولم يغني من جوع، وهذه المحاولة ليست الأخيرة في التصحيح، سبقتها محاولات عديدة، والفرصة الآن افضل من قبل، لكونها تستند لعدة عوامل منها الدعم الكامل من برنامج رؤية 2030 وطرح العديد من البرامج وجاءت جائحة كورونا وعجلت في الكثير من المعطيات، كما أن تحسن أداء الاقتصاد السعودي في التنافسية العالمية، وحصولها على مراكز متقدمة وتحسن بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات، كلها عوامل مساعدة في تصحيح الأنشطة التجارية، فضلا عن إنشاء العديد من برامج تشجيع رواد الأعمال وتمكين المرأة، الأمر الذي يجعل ممارسة النشاط التجاري بطريقة خاطئة ينعكس سلبا على مكانة الاقتصاد السعودي عالميا.
الوقت لا يزال مبكرا يتبقى 23 يوما لانتهاء المهلة، أن يدرك المسؤولين ويخرجوا لوسائل الإعلام ويلتقوا بالمعنيين سواء وافدين أو رجال الأعمال، ويحركوا معهم الغرف التجارية التي تنام على وسادة مخملية، وتملا الشوارع بالإعلانات والتوعية، كما عليها أن توعي الموظفين بالتصحيح بأهمية التعامل معهم انهم مكسب اقتصادي باحترام وعميل مهم، لان بقائهم يعني استمرار ديمومة الاقتصاد، نحن بحاجة الى موظفين يجيدون التفاوض وليس موظفين يهرب منهم العميل. نحن نتحدث عن 400 مليار ريال موجودة بطريقة خاطئة، ونرغب تصحيحها، وليس تطفيشهم ليغادروا الى دول خليجية مجاورة، نأمل أن يضعنا المسؤولين في الصورة من حيث الأرقام والمعلومات التصحيحية، وبعدة لغات في مواقع التواصل، وليس خجلا أن نستعين من بعض المشاهير من تلك الجاليات لإيصال الرسالة، ونأمل أن يتحمس السعودي ويقبل أن يدعوا الوافد المستثمر الى تصحيح أوضاعه. المشوار لايزال طويلا فالمبلغ المستثمر في نشاط التستر التجاري 400 مليار ريال ليس بقليل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال