3666 144 055
[email protected]
تنشطُ سياحةُ السعوديين إلى البوسنة، لما يتمتع به هذا البلد من جمال طبيعة وتنوع ثقافي وحسن معشر شعبه، وود ولطافة، ويكاد يجمع الكثير ممن زاره أن هناك شعوراُ بالارتياح من لحظة الوصول، ويخدمها أيضاً موقعها الاستراتيجي في قلب أوروبا، ومن ذلك أن المسافة بين مدينة بيهاتش البوسنوية (والتي تتمتع بشلالاتها الشامخة) وفينيسيا في إيطاليا (مثلاً) هي (500) كيلو متر.
وفي الجانب الآخر فقد قصد الكثير الاستثمار هناك، في عدة مجالات اقتصادية وسياحية وغيرها، وكان للاستثمار العقاري النصيب الأوفر لما تتمتع به البلاد من طبيعة آسرة، وتوقع نموه الاقتصادي، وبالذات في المجال السياحي، يتبين ذلك من ازدياد أعداد السياح والفنادق والمطاعم سنوياً.
وتتمتع البوسنة باستقرار عُملتها، حيث أنها مربوطة بسعر ثابت مع اليورو، وكذلك إمكانية تأسيس الشركات، ويسمح النظام بتأسيس شركة الشخص الواحد، وإن كان غير بوسنوي، مما أتاح للعديد من السعوديين والخليجيين تأسيس شركات بأسمائهم، تُعامَل مُعاملة الشركات البوسنوية.
وفي المقابل فالبلد لا يخلو من معوقات استثمارية، من ذلك البيروقراطية وكثرة إجراءات المُعاملات، ومن ذلك احتياج السعودي إلى تأشيرة فيزا لدخول البوسنة، وقد عُرضت هذه السنة معاملة إعفاء السعودي من التأشيرة لدخول البوسنة على مجلس الوزراء البوسنوي أكثر من مرة، رغبة من جناح كبير في البوسنة يُطالب بذلك، تشجيعاً للسياحة والاستثمار هناك، ومع ذلك لم تحصل المُعاملة على الموافقة.
ولا يسمح النظام البوسنوي بتملك الخليجيين مُباشرة في العقار في البوسنة، بينما يسمح للتملك للشركات وإن كان مالكها شخص واحد خليجي، ونُشير إلى أن على أي شركة مصاريف ورسوم سنوية لا تقل عن ثلاثين ألف ريال سعودي سنوياً، مما لا يكون مُجدياً معه أن يقصد السعودي تأسيس شركة باسمه لغرض تملك العقار الشخصي، وهو خطأ قد وقع فيه البعض.
وينشطُ لدى بعض المستثمرين العرب التسويق العقاري، وبالذات لبيع الأراضي، ويثور التساؤل عن حالة رغبة مُشتري فرد خليجي لشراء أرضٍ أو فيلا أو شقة في البوسنة من فرد بوسنوي أو شركة بوسنوية، وما هي آلية التملك والعقود والإجراءات التي تضمن وتحمي حقوق البائع والمشتري، في ظل المُعطيات السابقة، وبالذات أنه صار مُشاعاً أن كثيراً من الشركات البوسنوية التي يملكها العرب تبيع أراضي وبيوت، وبصفتي مُحامياً ومُستثمراً هناك من سنوات، فجوابي:
1- أن التملك الكامل – كما ذكرنا – يشترط تأسيس شركة بوسنوية، ولا يسمح بالتملك المُباشر للخليجيين، استناداً لما يذكرونه من حجة التعامل بالمثل، مع الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية لديها نظام لتملك غير السعوديين للعقار، يسمح للمُستثمرين، والأشخاص غير السعوديين بصفتهم الشخصية المُقيمين في المملكة بتملك العقار، وفق إجراءات مُيسّرة، ومؤخراً أوصى مجلس الشورى السعودي بدراسة تملك العقار لغير السعوديين من غير المقيمين في المملكة، والمُعاملة تحت الدراسة وبانتظار القرار، الأمر الذي سيفتح المجال للمطالبة بالمُعاملة بالمثل لدى الدول الأخرى بما فيها البوسنة، لتملك السعوديين غير المقيمين للعقار هناك، وهو ما ينتظره المستثمرون والراغبون معاً. مع الإحاطة إلى أن البوسنة لا تُعامِل السعوديين بالمثل أسوةً بسماح المملكة لغير السعودي بمن فيهم البوسنوي بالتملك في المملكة!
2- يخضع نقل ملكية العقار السكني أو التجاري عند الشراء لضريبة قدرها (5%) من قيمة العقار، عادةً ما يدفعها المُشتري للجهات الرسمية، وتُعفى من ذلك الأراضي الزراعية.
3- وبالرجوع لحالة أن المشتري ليس شركة، وأن البائع هو شركة بوسنوية، فالحاصل اليوم هو اتخاذ أحد الأشكال القانونية الآتية:
1- توثيق عقد المُبايعة بين البائع والمشتري للعقار، بعقد يوثقه كاتب العدل في البوسنة، ويوثقه المحامون في بلد البائع والمشتري، ويسمح نظام البوسنة بالتسجيل على الصحيفة العقارية الرسمية للعقار محل الشراء، بأن العقار تحت إجراء البيع أو الرهن، وأنه لا يُسمح للمالك بالتصرف فيه، وتُبرِم بعض الشركات مع المشترين مثل هذه العقود، وتشير إلى أن العقد ساري لحين تأسيس المُشتري شركة، أو السماح له بتوثيق الشراء رسمياً باسمه.
2- يسمح النظام أيضاً بالتوثيق أمام كاتب العدل عقد أجرة للمشتري، مدته (99) سنة، بقيمة مدفوعة سلفاً.
3- ويسمح كذلك التوثيق أمام كاتب العدل أن العقار مرهون (للمشتري) مقابل مبلغ مدفوع سلفاً من المشتري للمالك، ولقاء المبلغ فإن العقار رهن للمشتري، لا يتصرف فيه المالك مُطلقاً إلا بإذن المُرتهن.
4- ويمنحُ البائعون أيضاً للمشتري وكالة غير قابلة للنقض، تسمح للمشتري بجميع التصرفات من بيع وبناء ومتابعة إجراءات رُخصٍ ونحوه.
5- ويلاحظ أنه في جميع الخيارات السابقة، فإن العقار يبقى مُسجل رسمياً باسم المالك (البائع) (صاحب الشركة)، وهو من يبقى العقار باسمه أمام الجهات الرسمية، الأمر الذي لا يخلو من بعض الإشكاليات، وبالذات لو قصد مالك الشركة الاحتيال، أو تعرض للإفلاس.
ونُشير إلى أن السوق لم يخلُ من مُمارسات مُضلِلة، وإعلانات وأسعار لم تخلُ من الغُبن والغبن الفاحش، أو إخفاء معلومة، ودخول السوق ممن تلاعب بأموال المُستثمرين ومُدخراتهم، مما يستوجب الحذر.
التوصيات:
1- أن الشراء بأحد الوسائل المذكورة، تُوثِق البيع لدى كاتب العدل، ونوصي راغبي الشراء بالاستشارة، أو الاستعانة بمحامي هناك، لتحقيق التوثيق الأمثل.
2- أهمية الشراء من شركة موثوقة، قدر الإمكان، تفادياً للاحتيال والتعامل مع المجهول.
3- أن يُعاين المشتري العقار (الأرض) قبل الشراء بنفسه، فقصص الغش كثيرة.
4- دعوة الحكومة البوسنوية للسماح للخليجيين بالتملك المباشر، وسن الضوابط لذلك، لما يوفر ذلك من حماية للسوق العقاري البوسنوي، والمتعاملين معه، ومن تحقيق العوائد الضريبية للدولة البوسنوية، والنمو الاقتصادي، وبالذات في المجالين العقاري والسياحي.
وفي الختام، فلا يفوتني التنويه بعمق العلاقة التي تربط الشعبين والبلدين، والحب المُتبادل، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ذخراً على الدوام، والبوسنة لا تنسى مواقفه التاريخية في تضميد الجراح، وجهود الهيئة العليا لمساعدة شعب البوسنة والهرسك.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734