الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هو السبب الثاني لوجود الحوكمة في جميع القطاعات وخصوصا في القطاع العام وذلك عن طريق توزيع الأدوار والمسؤوليات وتعيين وتفعيل ضوابط الحوكمة. لا تخلو منظمة من منظمات الدنيا ولا حكومة من الحكومات منذ عهد التنظيمات البشرية الأولى وحتى تاريخه من هذه المناصب الثلاث أو حتى من الإدارات الثلاث إذا تحدثنا على مستوى نطاق منظمة حكومية أو ربحية أو غير ربحية. فالمشرع باختصار هو من قام بوضع التشريعات اللازمة لنظام عمل الوزارة أو الشركة أو الجمعية الخيرية وبدوره طلب من المنفذ التقيد بهذه التشريعات والتنظيمات التي وضعها وعدم الخروج منها ثم طلب من المراقب مراقبة أعمال وعمليات المنفذ ورفع تقاريره الدورية اللازمة. وهنا يأتي دور الحوكمة في التأكد أن المشرع قد قام بدوره ولم يدخل في عمل المنفذ وأن المراقب لم يدخل في عمل المشرع أو المنفذ وهذه هي المهمة الأولى للحوكمة. ثم يأتي الدور الثاني للحوكمة وهو التأكد بتحمل المسؤوليات للمناصب الثلاث المذكورة أنفاً وأنه في حالة وجود خطأ في أي تشريع صدر من المشرع مثلا أو تنفيذ خاطئ لعملية ما من المنفذ أو حتى خطأ من تقرير المراقب فدور الحوكمة هو التأكيد على أن كل منصب يتحمل مسؤولية خطأه أو خطيئته في حالة تحول الخطأ الى كارثة.
أما الدور الثالث للحوكمة فهو إيجاد ضوابط معينة ومساعدة لتطبيق مبدأ الحوكمة ومن أشهرها وأهمها وجود ووضوح آلية صنع القرار للمشرع وتفعيل منهجية إدارة المخاطر لدعم أعمال المنفذ وتحديد معايير آليات الرقابة للمراقب في منظومة الحكومة أو منظمة الجهاز الحكومي مثل الوزارات أو الهيئات الحكومية.
قد يخطر في خاطر القارئ المثقف سؤالين. السؤال الأول: ما هو السبب الأول لوجود الحوكمة في جميع القطاعات وخصوصا في القطاع العام. والجواب هو أن الحوكمة وجدت في الأساس لتلبية رغبات واحتياجات أصحاب المصلحة على أساس العدل ولأصحاب القرار حق المساءلة والمحاسبة للمقصرين وذلك باستخدام جميع الأدوات المتوفرة والمناسبة في الدولة مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الثقافات والأديان والسياسات بين الدول. وأصحاب المصلحة فهم كثر ومتنوعون باختلاف تأثيرهم أو تَأثُرهم من نشاطات المنظومة الحكومية أو منظمة الجهاز الحكومي أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن أصحاب المصلحة المواطنون أو أصحاب الأعمال وكذلك العرقيات الأساسية أو العرقيات الثانوية ويجب على المنظومة أو المنظمة تطبيق مبدأ العدل في الخدمات المقدمة لجميع أصحاب المصلحة سواء بسواء دون ضرر أو إضرار أو انحياز طرف على حساب طرف آخر.
وأما السؤال الثاني في خاطر القارئ العزيز فهو كيف يمكن للحوكمة التأكيد على تحمل المناصب الثالثة “المشرع والمنفذ والمراقب” للمسؤوليات المسقطة عليهم كما هو مذكور في الفقرة الأولى من هذه المقالة. والجواب هو ربط السبب الأول بالسبب الثاني. فالمشرع هو المسؤول الأول أمام أصحاب المصلحة في تلبية رغباتهم والاستجابة الى تطلعاتهم وطلباتهم ولا يمكن للمشرع تحمل المسؤولية وعدم قذفها كالكرة في ملعب المنفذ أو المراقب إلا بتطبيق مبدأي الشفافية والنزاهة والتي هما من أهم عناصر الحوكمة الرشيدة. قد يكون الموضوع شيق للباحثين والداعمين للحوكمة وممل للغير مبالين عن أهمية الحوكمة ولكن هذا نقاش أخر في مقالة أخرى للجميع بإذن الواحد الأحد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال