صورة

بعض الأخبار نقرؤها فتستثير الكتابة داخلنا، وتتحرك الخواطر. تماما كخبر تلك المدينة الأمريكية التي تطلب من المواطنين مشاركة صورا لهم أو لذويهم تعكس مدى الاهتمام والالتزام بالأنظمة. كل ذلك في مسعى لإطلاق هوية جديدة تعمل على تعزيز التوجه الإيجابي للسكان من خلال مشاركة تلك اللحظات المميزة على الطرقات.

لطالما أنك أحببت الأرض، فأنا على يقين بأنك تؤمن أن في الكتابة عنها سر يبقيك على قيد الشغف. حرك قلمك اليوم فعلى الطرف الآخر من أرصفة المدينة هناك من يقرأ. قد تكون مجرد لحظة نعيش جمال مكنونها فتستحيل أمنية بأن تكون جميع لحظاتنا دهراً.

وهناك على ضفاف المشاعر يمتد الأثر حين تلتقي حكايانا في زوايا تجمع القلوب. أما الصور فما هي إلا تعابير تحبس اللحظة فتنقلها إلى أزمان يشاركك الآخرون بهاؤها. وتبقى قضيتك أنت أن تصنع ممرات للطيف حتى يعبر إلى القلوب التي تحيط بك. وإذا ما سألت عنهم فهم أيضا سيبدعون في الانتقال بتجاربك إلى محيط جديد ربما لا تدرك أنت كنهه اليوم.

التجربة الإنسانية تبقى قيد التطوير ما حيينا، ومن ينثر جمال الأنفس على جنبات الطرق يعلم جيدا أن الإبداع ينمو بالمشاركة الوجدانية. كن أنت قائد الركب في هذا المسير، استحضر أفضل ما لديك فهناك من ينصت لصوتك ولو بعد حين. حتى ذاك الازدحام الذي تهاب وحشته، هو بطبيعة الحال نقطة التقاء يعبر عن طبيعة بشرية متأصلة فينا. في كل مرة تمر بالمكان جرب أن تقرأ الجملة بشكل جديد. حاول تشكيل الأحرف وكن على ثقة بأنهم سيحتفون بك وبهدوء شديد.

الترويج لفكرة الجمال الشامل في تفاصيل الحياة التي يعيشها كل ساكن تعني أن منجزاتك تستحق المشاركة. ورغم أن المشروع كان بالأساس جزء من إعادة إطلاق الهوية للمدينة، إلا أنه من وجهة نظري يحمل مضامين أكثر بعدا من حيث إذكاء روح التنافس ليزهو الحس الإبداعي بشكل مستمر فيها. هذا الأمر يعود بالأثر على الهوية بطبيعة الحال حين يدرك الجميع أن ما يقومون به في حياتهم هو محط تقدير. أضف إلى كل ذلك أن الجميع يستطيع الاستفادة من التجارب التي تدور حوله أحببت الفكرة بكل تفاصيلها فخطر ببالي تساؤل حول إمكانية تطبيقها في مدننا. وهنا يجب أن نعلم أن لكل مدينة قصة خاصة بها، تختلف حتما عن غيرها من المدن، وتستحق أن تروى. يجب أن نعلم أن المدن التي تميزت على مدى الأزمان في كل ما يتعلق بمفاهيم الجمال اعتمدت بالأساس على المشاركة المجتمعية. الأفكار لا تولد من فراغ لكنها عقول تبدع وتشارك نهج متكامل.

قد ترسم معالم الطريق لكن بهجة المشاركة تخلق جوا من السعادة وتلك قصة بحد ذاتها. وما أراه في حقيقة الأمر هو أن كل منا يجب أن يفكر في ذاك العمل المجتمعي وكيف يمكن أن يعرضه بأفضل حلة لينافس الآخرين عشقا نحمله لهذه الأرض.