قصة سيدنا نوح وريادة الأعمال

كانت رحلة سيدنا نوح من قومه العاصين قصة نجاة ملهمة. فرغم يقينه بمآل هؤلاء القوم العاصين إلا أنه فضل – بما هداه الله إليه – أن يبني أداة أو وسيلة تساعده في رحلته نحو النجاة أو النجاح. بناها بما لديه من معارف، وبما يراه من حوله من مظاهر. وآثر أن يبني سفينة لاعتقاده بأنها وسيلة النجاة، فبناها من العناصر الأساسية دون معرفة بأساسيات صناعة السفن. وكان قومه يستهزئون مما يعمل! لكنه أصر – رغم كل هذا الاستهزاء والإحباط – على بنائها والانطلاق في رحلته.

لقد عمل عليها نوحٌ دهرًا، رغم كل الصعوبات إلا إنه آمن يقينا بالله ثم آمن بنفسه، واكتسب المهارات المطلوبة لبناء السفينة، دون السعي للإتقان. نعم !! لقد بنى سيدنا نوح السفينة بما كان يعلم؛ ولهذا وصفها الله في محكم كتابه بـ “ذات ألواح و دسر” (القمر: 13) ؛ ولهذا اتخذت هذا الوصف القرآني عنوانا لهذه السلسلة من المقالات والتي ستكون عونا وتوجيها لبناء قدرات رواد الاعمال والمشاريع لتحقيق احلامهم وافكارهم.

إنَّ هذا الوصف كفيلٌ بأن يعطيك إيمانًا ويقينًا بأن رحلة النجاح هي رحلة بسيطة ولكن محفوفة بالأخطار، وأنها مهما قصرت أو طالت فإنها محفوظة بتوفيق رب العالمين.

وهناك أمرٌ آخرٌ مهم وهو: أن هذه السفينة كانت وسيلة وعربة النجاة من الغرق؛ لتعبر بركابها إلى حياة جديدة. ورغم بساطة هذه السفينة وعدم إتقان صانعها لها، إلا أنها كانت في حماية الله وبحفظه “تجري بأعيننا”.

ولنتوقف هنا؛ لنتساءل ما هي الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح ؟ هذه القصة العظيمة رغم طول امدها الا ان الله ذكرها لاهميتها في تعلم الصبر والمثابرة والشغف، ولعلنا نخلص منها بهذه الدروس:

1- أن قوة الايمان بالله من أسباب النصر “وما النصر إلا من عند الله” (الأنفال: 10) .
2- اليقين بالنتيجة دافع كافي للإنجاز.
3- الإتقان وحده ليس كفيلًا بالنجاح؛ فالعمل الدؤوب والإصرار مع العزيمة من أهم مطالب النجاح أيضًا.
4- عدم وجود الخبرة ليس مانعًا للنجاح؛ فاعمل في مجال تخصصك بما تراه مناسبا.
5- العمل خطوة خطوة كفيل مع الوقت بتحقيق الإنجاز والنجاح.
6- ليس مطلوبًا أن يؤمن الجميع بما تفعل؛ فيكفيك أن تؤمن أنت بما تريد إنجازه مهما كبر أو صغر.
7- النجاح هو الطريق الوحيد للانتقام من أعدائك فكن ناجحًا رغمًا عنهم.

هذه الدروس المستخلصة مهمة جدا؛ لنتعلم الإنجاز والنجاح؛ وأن هناك طريق واحد فقط للنجاح هو العمل الدؤوب والانكباب عليه، دون الالتفات إلى معوقاته مهما كبرت.