التقنيات المالية والثغرات القانونية

نسمع كثيراً عن مصطلح (فنتك) وخاصة في مجالات البنوك والمالية، يقصد بهذا المصطلح عملية توظيف التقنية الجديدة والمؤثرة لتقديم الخدمات المالية للمؤسسات باختلافها والأفراد.

أطلقت المملكة مبادرة فنتك السعودية التي تهدف إلى تشجيع مجال التقنية المالية في المملكة، بل وحتى تتطلع إلى تجهيز المملكة لتكون وجهة للابتكار في قطاع الفنتك.

حتى الآن،تم إصدار أكثر من ٣١ ترخيص لشركات التقنية المالية في المملكة وفي عدة مجالات. ولعلنا نرتكز في بداية الطريق إلى هذا المجال الجديد بالمملكة إلى أهم عناصره وأساسياته التي يرتكز عليها ليدخل مرحلة الإبتكار وليس فقط الاستكشاف، أول هذه العناصر تتمثل في التقنيات المتطورة والمستحدثة التي تتحكم في أكبر قدر ممكن من البيانات وتعالجها لتلبي حاجة العنصر الثاني وهو العملاء ورغباتهم، حيث تتطور بالمقابل رغبات العملاء وحاجاتهم إلى التقنية التي تيسر عليهم أداء عملياتهم وخدماتهم المالية اليومية بالأخص. أخيراً، نصل إلى العنصر المنفذ لما سبق ألا وهو رواد الابتكار والمطورين الذين يجمعون بين خبرة البنوك والتقنيات وشرعوا بأنفسهم في تقديم خدمات الفنتك أو حتى استحدثوا المؤسسات التي توفر هذه الخدمات من خلال استقطاب أصحاب العقول الماهرة في البرمجيات.

في ضوء كل ما سبق، تبقى الحاجة إلى التشريعات والقوانين التي تحكم وتنظم أداء هذا المجال مطلوبة وبشكل عاجل، ليس فقط باعتباره مجال جديد ومستحدث ويحتاج إلى تنظيم، ولكن بسبب نوعية الأدوات المستخدمة فيه وطبيعتها الحساسة، إذ أنها تتعلق بحماية البيانات وخصوصيتها من ناحية، وإدارة وتشريع الفراغات والثغرات في آليات المحاسبة المالية وتنظيم العمليات المتعلقة بها وبشكل أخص في حالات احتساب رسوم إضافية مقابل هذه الخدمات.

من وجهة نظري المتواضعة، أؤمن أن التشريعات تتطور بتطور المجال المراد تنظيمه، بل وفي حالات (معينة) تكون عملية إصدار التشريع مناسبة بعد مدة من الزمن لضمان فهم آليات عمل كل مجال أو قطاع وانعكاس ذلك على آلية تنظيمه، ولكن بسبب حساسية هذا القطاع وأهمية الخدمات التقنية المالية التي يتداخل العديد من الأطراف في أدائها، من الضروري على الأقل إصدار طلب المرئيات من قبل المختصين تمهيداً للبدء في مشروع النظام الذي سيكون له دور كبير جداً في تنظيم هذا القطاع وضمان حقوق رواده و مواهبه وما بينهما من بيانات ومبالغ مالية هائلة.