الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أتاح فيروس كورونا فرصة لإعادة التفكير في هيكلة القوى العاملة داخل الشركات، حيث أدى العمل عن بعد إلى تسريع الاستثمار الخاص بتمكين التكنولوجيا في الأعمال. وكأي استثمار يثبت فعاليته في البداية، فمن الطبيعي جدًا إبداء الرغبة في الاستمرار فيه والعمل على تطويره والتوسع فيه في المستقبل.
ولكن تبقى الأسئلة هنا.. هل من الممكن أن يؤثر العمل الهجين (Hybrid Working)على شعور العاملين بالانتماء للشركة؟ وهل من الممكن أن يؤثر على هوية الشركة؟ وهل من الممكن أن يؤثر على شعور العاملين بروح الفريق لتحقيق أهداف الشركة؟ والذي ينمو بالتأكيد من خلال العمل داخل المكاتب والتفاعل الاجتماعي فيما بينهم.
كيف يمكن إعادة التفاعل الاجتماعي بين العاملين – لخلق شعور التماسك المؤسسي والوحدة فيما بينهم وذلك للعمل على تحقيق أهداف الشركة- عندما تختفي معظم المحفزات الضمنية التي تنمي شعور الانتماء إلى الشركة.
نظرًا لأن العديد من الشركات لا تزال في وضعية ” إدارة الأزمة”، فلم تول اهتمام كافٍ لهذه العواقب طويلة المدى. نحتاج أن نخرج قليلاً من فكرة أن نكون دفاعيين ونبدأ في التركيز على كيفية تطوير الأعمال، نحتاج أن نفكر فيما وراء التكنولوجيا واللوجستيات.
في الحقيقة.. إن كثيرًا من الشركات قد أخذهم الوباء بعيدًا عن ملعبهم، بحيث ركزوا – ولفترة طويلة جدًا- على كيفية إدارة هذه الأزمة. وأدت الطبيعة المطولة لهذا الحدث في انجرار الادارة العليا إلى دورات متكررة من الاضطرابات والاستجابات، والذي بدوره قد يؤثر على التفكير الاستراتيجي ويحول الأعمال إلى بيئة تحمل كثيرًا من المخاطر وعدم اليقين.
تتطلب “إدارة الأزمات” من كبار المديرين التفاعل مع موظفيهم بشكل مباشر وسريع جدًا وذلك للتخفيف من حدة آثار الأزمة ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر. ولكن عندما تستمر هذه الأزمة لمدة 12 شهرًا أو أكثر (كفيروس كورونا)، فإن استمرار الشركة في التركيز على هذه الأزمة فقط يعتبر مخاطرة كبيرة جدًا والتي من الممكن أن يفقدها اتجاهها حول الغرض الأساسي من العمل. فقدان الاتجاه قد يؤدي إلى تقليل الوعي بأهداف الشركة والتي بدورها تؤثر على القدرة على تحديد التهديدات والفرص للأعمال والاستجابة لها بطريقة صحيحة وفعالة.
أنا هنا لا أنكر أو أقلل من أهمية العمل الهجين وفوائده الكبيرة للشركة والعاملين فيها سواء، ولكن يحتاج المدراء إلى التفكير الاستراتيجي حول كيفية الحفاظ على هوية الشركة وتطويرها في عالم افتراضي.
يتطلب الكشف عن المكونات الضمنية التي تدعم التماسك المؤسسي وتحافظ على هوية الشركة إلى فهمًا عميقًا لكيفية تأثير القيادة وعلم النفس والتكنولوجيا واللوجستيات على الشركات. وكيف يمكن تفعيل القيادة ونجاحها في بيئة عمل هجين؟ وما الذي يتطلب القيام به الحضور إلى مقر العمل – وجهًا لوجه- ولا يمكن العمل به عن بعد اطلاقًا. ماذا عن التفاعل الاجتماعي بين العاملين وبناء الفريق؟
الإجابة على هذه التساؤلات وحلها سيكون هو التحدي الجديد، والذي بالتأكيد سيكون تحولاً باهرًا في عالم الأعمال. ويتطلب النجاح في العمل الهجين إلى استثمارًا ماليًا ضخمًا، اكتساب وتعلم مهارات جديدة وتوظيف أدوات جديدة كذلك. وقد يتعين علينا تبني أشكال جديدة من التفاعل الاجتماعي.
“كيف نُعيد بناء المكاتب في بيئة عمل افتراضية؟” النجاح الباهر سوف يكون لتلك الشركات التي تفهم هذا السؤال بشكل صحيح وتستعد له جيدًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال