3666 144 055
[email protected]
الثورة الصناعية الرابعة عبارة عن مسمّى لمرحلة الرقمنة (Digitization) المقدِّمة لأدوات ربط المصانع المؤتمتة ببعض عبر الإنترنت لأجل رفع مستويات فاعلية وفعالية سلاسل الامداد وتكامليتها، وهي امتدادا لسابقتها الثالثة التي قامت على الحوسبة (Computerization) والتي قدِّم من خلالها أدوات أتمتة خطوط الإنتاج، وقد كان قبلها الثانية وهي مرحلة الكهربة (Electrification) التي حُوِّلت فيها الآلات من استخدام الطاقة البخارية إلى الطاقة الكهربائية، وعرفت مرحلة الآلة البخارية بإسم الثورة الصناعية الأولى (Mechanization).
هذه المسميات الأكاديمية وضعت لتحديد فترات زمنية معينة في مسيرة تطور الصناعة الحديثة، ضمن تاريخ الصناعة الذي يتجاوز آلاف السنين، ومع بداية ظهور الحضارات السامية في أرض الرافدين والمصرية في وادي النيل، وهذه التعريفات حاصلة في باقي العلوم مثل علم الإنسانيات الحديث الذي يعرف مرور الإنسان بثلاث ثورات معيشية، وهي من الصيد والزراعة إلى الصناعة وحاليا المعلومة ومستقبلا ثورة جودة الحياة، ومثلها علوم أخرى تُعرِّف الفترات بما يخدمها علميا كما في الآثار والتأريخ والاقتصاد والسياسة والعسكرية التي تدخل ثورتها الخامسة حاليا، وغيرها من مجالات فنية وطبية وإجتماعية.
مسمى الثورة الصناعية الرابعة تحديدا، كان عنوان مشروع قدّمه مجموعة من الأكاديميين الذين استعانت بهم الحكومة الألمانية لتقديم مرئياتهم بخصوص مستقبل توجه الصناعة الألمانية، ومن ثمّ استعار البروفيسور كلاوس شواب مؤسس منتدى الاقتصاد العالمي (WEF) المصطلح وقدّمه للعالم في كتاب أخذ زخم إعلامي كبير.
انبهرت العديد من الاقتصادات النامية بفرص التطور من خلال أدوات هذه المرحلة، ولكن الاقتصادات المتقدمة التي طورت تعليمها وجامعاتها لإنتاج هذه الأدوات انشغلت في نقاشات جادة حول الجانب الآخر من الصورة والمتمثلة في ما هي الهيكليات التنافسية ونُسق الاستدامة المستقبلية، ومعالجة المخاوف المتعلقة بهذه التقنيات وما سيأتي بعدها، خاصة أن الروبوت (الآلة الذكية) ستحل مكان الانسان العامل، وهذا سيخلق العديد من التحديات مثل البطالة، أو مقاومة العديد من حكومات الدول للذكاء الاصطناعي لأسبابها الأمنية الخاصة بها، مما جعل مناقشة هذا الموضوع أكثر عمقا وبعيدة عن السطحية في الدول المتقدمة.
وكعادة الغرب، فإن قلقها تقاومه شهوتها المفرطة واللامتناهية في التملك والسيطرة، فتندفع بجرأة للمضي قدما في هذا الطريق، لذلك اليوم يناقش الغرب تفاصيل البنية التحتية التي ستقوم عليها ما سمي اصطلاحا بالثورة الصناعية السادسة، بعد أن أنتهت عملية وضع أسس الخامسة والتي بدأ حراكها بصمت داخل اقتصاداتهم، والقائمة على مبدأ إعادة اشراك الإنسان بشكل يجعله في ارتباط مباشر مع الآلة الذكية في ظل تلاشي هوّة المحاكاة الذكية بينهما، وهو لب الثورة الصناعية الخامسة.
أما الثورة الصناعية السادسة وهي غالبا ستكون ذات طابع فلسفي جيواقتصادي متطرف والمؤدية لمكاسب جيوسياسية وبدون استخدام الآلة العسكرية، فمواضيعها ستركز على نوعية الحياة وسعادة الإنسان (جودة الحياة) حسب المنظور الغربي، ولذلك ستنتج موجة مختلفة من الابتكارات المدعومة بتشريعات دولية، والتي ستقود لإعادة تشكيل العالم حسب متطلبات التغيير البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
ماذا في حقيبة الثورة الصناعية السادسة ولماذا من المهم جدا تخطّي الرابعة والتحضير لما قادم بعدها، هذا ما سنعرفه في مقالة الأسبوع القادم بمشيئة الله.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734