الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قرار أصدرته الهيئة مؤخراً قد يعتبر أحد أهم القرارات التي أصدرتها الهيئة منذ إنشائها حتى اليوم، وهو معايير ترخيص المنصات العقارية الالكترونية وتصنيفها والذي صدر في شهر شوال الماضي. وأتوقع أن يكون لهذا القرار كبير الأثر على السوق العقاري في حال تطبيقه بالصورة المثلى خاصة في ضبط أسعار العقارات والإيجارات وتعزيز الثقة في السوق السعودي محليا وعالمياً.
أظن أن أفضل تطبيقات هذا القرار هو ما يعرف اليوم بـ Multiple Listing System MLS يمكن تعريبه بـ “نظام القوائم المتعددة”. لذا سنتحدث عن هذا النظام من منصات الإعلان العقاري وانعكاس تطبيقاته المتوقعة على السوق وسنختم مقالنا بذكر بعض النقاط المهمة التي ندعو المختصين في الهيئة للأخذ بها في هذه المرحلة الأولية من تطبيق هذا النظام.
تعرف أنظمة القوائم المتعددة كقوائم او سجلات لتسجيل العقارات المعروضة للبيع او الايجار من قبل جهات مرخصة مشتركة، وتتمثل اليوم في مواقع انترنت وتطبيقات إلكترونية متعددة الأشكال. تركز هذه المنصات العقارية على عرض أربعة أمور رئيسية هي، صفة العقارات المعروضة للبيع او الايجار ومعلومات مفصلة عنها (المساحة، السعر، عدد الأدوار، العمر…)، صور العقار وموقعه على الخريطة، وسيلة الاتصال بالمعلن، معلومات عامة عن السوق والخدمات التي تقدمها الشركة.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي الرائدة في هذا المجال، فقد كان هذا التنظيم وتسجيل العقارات في سجلات ورقية مشتركة بين عدد من الوكلاء العقاريين في كل مدينة وولاية، حتى تطور اليوم الى نظام MLS الذي يمثل قرابة 580 منصة تسجيل عقاري حتى 2020. تنظم الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين NAR وتضع السياسات التي تلزم الوسطاء بعرض معلومات محددة عن العقارات المعروضة على مواقعهم ضمن نظام IDX. كذلك تعتبر بريطانيا وكندا من أوائل الدول التي استخدمت النظام، ودول أخرى في أوروبا مثل إيطاليا واسبانيا والبرتغال وتركيا وغيرها، كما يطبق في بعض دول آسيا مثل ماليزيا والفلبين والهند وفيتنام مؤخراً، ومن الدول الخليجية اعتمدت البحرين وإمارة دبي منصات عقارية تعتمد MLS ولاتزال في طور التجربة.
نظام المنصات العقارية او MLS يحقق أهداف أساسية ترفع من كفاءة السوق العقاري وتخدم كافة الأطراف المتعاملين فيه سواءً المنظمين او المهنيين او المستفيدين. من الأهداف ضبط أسعار العقارات بالأسعار السوقية العادلة والتي يحكمها العرض والطلب وليس المزاجية والاحتكار والتلاعب. كذلك دعم وتعزيز ثقة كافة الأطراف ذات العلاقة بالسوق والمتعاملين فيه محلياً وخارجياً، فإذا كان المستفيد (المشتري، البائع، المستأجر، المستثمر، المطور، الممول…) يستطيع الاطلاع على حجم وعدد وسعر وأماكن العقارات المعروضة في السوق في ذات الوقت ويستطيع اتخاذ قراره مباشرة وبإجراءات ميسرة ومعلنة، فهذا هو السوق الشفاف المجدي الذي يعزز ثقة المتعاملين فيه.
للنظام ثمرات أخرى عديدة منها، تحقيق انضباط السوق من خلال حصر وتنظيم السوق والإعلان فيه، فلا يعلن إلا جهة معلومة مسؤولة عن صحة وسلامة الإعلان. حيث يرخص النظام للشخص الطبيعي او الجهة المرخصة بمزاولة التسويق والإعلان بنشر الإعلانات والتسويق للعقارات بالضوابط المحددة التي تضمن صحة البيانات وصدقيتها. من الفوائد توسيع دائرة الخيارات أمام المستفيد وفتح المجال للمستثمر المحلي والخارجي ومساعدتهم على الحصول على أفضل الفرص المتاحة في السوق كلاً بحسب احتياجاته وامكاناته. لا نغفل مسألة سرعة وسهولة الوصول للسوق والعقارات المطلوبة فالمشتري او المستفيد أياً كان يسهل عليه أن يصل الى كافة العقارات المطروحة في السوق عبر المنصات المتعددة وهو في مكانه دون الحاجة الى أن يلف ويتردد على عدد كبير من مكاتب العقار المتفرقة والتي قد لا تطلع المستفيد الا على ما ترغب تسويقه بحسب مصلحتها وفائدتها.
إن مما يتوقع من هذه المنصات أن توفره للسوق قاعدة معلومات ضخمة تتكامل ما بين المنصات المختلفة فتعطي معلومات عن السوق والعقارات المتوفرة فيه على المدى الزمني الممتد. فهي تؤسس لبيانات كبيرة يمكن حفظها وقياسها ومقارنتها مع الزمن. فسيكون بإمكان الباحث في السوق من مكاتب دراسات وأبحاث ومن شركات تمويل ومستثمرين وأكاديميين قياس حركات السوق المختلفة من حيث عدد وحجم المعروض وأسعاره وتقلبات الأسعار وقياس المنحنيات الخطية للأسعار والعروض وأنواع العقارات والإيجارات وغيرها، كل ذلك سيكون سهل الحصول عليه بمجرد توثيق بيانات العروض على المنصة وكافة تفاصيل العقارات وحفظها.
تساعد قواعد المعلومات التي تنتجها المنصات –بالإضافة لمعلومات منصة المؤشرات العقارية- المستثمرين والممولين وغيرهم في اتخاذ قرارات الاستثمار المجدية وحجم الاستثمار في السوق ووقت الدخول فيه والخروج منه كل هذا يعود بالنفع على صحة وسلامة السوق فالسوق السوية يستطيع المستثمر معرفة جودتها الاستثمارية ومتى وكيف يدخل فيها ويخرج منها.
للمنصات والقوائم الاعلانية كذلك فائدة مميزة هي أنها تمنع او تحد من احتكار السوق والتلاعب فيه –في حالة تم الالتزام بالتطبيق السليم لها- فهي تحد من جدوى تجميد الاستثمارات وتوجيه السوق وفرض الأسعار غير المبرر. والنظام حقيقةً له فوائد ومزايا يصعب حصرها في هذا المقال لكن لابد من ضبط جودة التطبيق ومتابعته باستمرار حتى يؤتي أكله.
حقيقةً أشكر الهيئة العامة للعقار على اتخاذ مثل هذا القرار الجريء، وأدعوهم الى التنبه الى أمور منها؛ أن يتم حصر عدد المنصات العقارية المرخصة، كذلك ضرورة اشتراك عدد من المؤسسات العقارية في كل منصة، كما أنصح أن يتم ضبط عملية الإعلان الفردي الشخصي المباشر بالتنسيق مع مواقع المنصات وأن ينظم ذلك في اتفاق بين المعلن الشخصي والمنصة يحفظ سلامة الإعلانات في المنصة ومعرفة المعلن بواجبات الإعلان التنظيمية والقانونية مقابل رسوم رمزية بدل رسوم السعي، كما أرى أن يتم ضبط رسوم الاشتراكات والاعلانات في هذه المنصات ولا تترك للاجتهادات الفردية، حتى تتحقق الكفاءة والفاعلية المرجوة من هذه المعايير والتنظيمات حفظاً للحقوق ولضبط اتزان السوق وجودته.
أخيراً أدعو الهيئة الى تشكيل لجنة دورية مستمرة لتقييم عمل هذه المنصات وإجراء التعديلات اللازمة والنظر في شكاوى الأطراف ذات العلاقة ومعالجة الاقتراحات التي ستكون مستمرة و متجددة ومتطورة مع تطور النظام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال