3666 144 055
[email protected]
يَخشى المتعاملون بالسوق العقاري بيعاً وشراءً من العروض المُغرِيَة، التي تُخفِي خلفها مشاكِلَاً مرتبطةً بالعقار؛ سواءً أكانت هذه المشاكل على شكل بيع ملك الغير أو منازعاتٍ في المحاكم أو تزييفاً في مواصفات العقار.
لكن الإشكالية الواقعية تكمن في الإعلان العقاري ذاته، فقد يحاول المُعلِنُ تضليل الجمهور عبر إخفاء المشاكل المُرتَبِطَة بالعقار باستخدام وسائل الترويج الخادعة؛ كأن يتمَّ وصف إيجابيات العقار وموقعه وإشرافه، وأقساط ثمنه المريحة دون الإشارة إلى التفاصيل التي تقود إلى سلبيات العقار.
حيث إنَّ المُعْلَن قد لا يشير -من بعيد أو من قريب- إلى وجود نزاعٍ على ملكية الأرض التي بُنِيَ عليها العقار أو وجود حقِّ رهنٍ لإحدى شركات التمويل في الوقت الذي يبدو عليه التمويل مُتعثِّراً بحيث تتحيَّن هذه الشركة الفرصة للحجز على العقار.
في الحقيقة، إنَّ انعدام الشفافية في الإعلانات العقارية يُعتَبَر عنصراً طارداً للأموال، وهذا ما يُضَرُّ القطاع العقاري في الدولة بشكلٍ عميقٍ؛ لأنَّ المستثمر المحلِّي أو الأجنبي لن يثق بالعروض العقارية، وهكذا تخسر المشاريع العقارية الاستراتيجية الجادَّة.
وهذا يعني بلغة الاقتصاد، خسارةٌ في ميزان القطاعات الحقيقية الكبرى، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى اختلال في السوق العقاري، وانكماشاً في الطلب على العقارات بشكلٍ مباشرٍ، ذلك بغضِّ النظر عن الآثار غير المباشرة التي قد نراها على شكل انخفاضٍ في أسعار أسهم الشركات العقارية وشركات التمويل العقاري المدرجة في بورصة “تداول”.
هذه الآثار الكارثية، يمكن تجاوزها بشكلٍ تامٍّ عبر ضبط الإعلانات العقارية بضوابطٍ صارمةٍ خاصَّةٍ بهذا النوع من العمل الإعلاني.
على هذا الأساس، فقد أصدرت الهيئة العامة للعقار في المملكة: “ضوابط الإعلانات العقارية” بقرارها رقم 3/14/م/21 بتاريخ 12/10/1442هـ.
وقد فرضت هذه الضوابط المعايير المطلوبة في الإعلانات العقارية، وفق ما يلي (ثانياً، الضوابط):
تحري الصدق والأمانة؛ حيث تُعتَبَر كلَّ معلومةٍ خاطئةٍ كذباً على الجمهور.
الابتعاد عن كلِّ ما يُسبِّبُ التباسَاً أو تضليلاً للعموم؛ فلا يجوز وصف الشقق المنخفضة عن سطح الأرض، والتي يتمُّ استخدامها كأقبيةٍ للتخزين، على أنَّها منازل وحدائق؛ بغرض تضليل الناس.
الالتزام بما يَصدُرُ ضمن الدليل العام لضوابط المحتوى الإعلاني العام.
الالتزام بما يَصدُرُ من الجهات المُختَصَّة بتنظيم المحتوى الأخلاقي والإعلامي بجميع وسائطه المعلوماتية (التقليدية والالكترونية).
الالتزام بالأسماء الرسمية، من مدنٍ وأحياءٍ وشوارعٍ وأنواعٍ للعقارات، ويجوز إضافة الأسماء المُتَعَارَف عليها إضافةً لها؛ حتى لا يستغلَّ المعلن الاسم المُتَعَارَف عليه، فيذكُرُه ويُخفِي الاسم الرسمي؛ بغرض تضليل الناس حول موقع العقار.
كما نصَّت ضوابط الإعلان العقاري على محتوياتٍ وجوبيةٍ للإعلان، كالتالي (ثانياً-6، الضوابط):
النصُّ على كون الإعلان “إعلاناً”؛ حيث يُخشى من قيام المُعلِنِين بالإعلان عن العقارات بشكلٍ غير مباشرٍ عبر تقديم برنامجٍ لمحتويات شارعٍ مُعيَّنٍ في إطارٍ تثقيفيٍّ، في حين يكون الغرض من هذا البرنامج هو الإعلان العقاري فقط.
تحديد الغرض من العقار (بيع، إيجار، استثمار، وغيره)؛ حيث يمكن أن يقول المُعلِن بأنه يرغب تقديم مجموعة محلاَّتٍ للتجار في عقارٍ مُعيَّنٍ، دون الإشارة إلى طبيعة العقد الذي ينوي إبرامه معهم، هل هو عقد إيجارٌ عقاريٌّ أم عقدُ استثمارٍ.
تحديد نوع العقار؛ فقد يُشيِرُ المُعلن إلى أنَّ العقار يحتوي على منازلاً في شارعٍ مُعيَّنٍ، دون الإشارة إلى طبيعة هذه المنازل من كونها شققٌ أم منازلٌ منفصلةٌ.
اسم المُعلِن وصفته (مالك أو مفوض)؛ حيث إنَّ الكثير من المفوَّضين يتصرَّفون كما لو أنَّهم هم مالكو العقارات التي يعرضونها على البيع مثلاً، ثم عندما يأتي وقت نقل الملكية يكتشف المشتري أنه لا يتعامل مع صاحب الشأن، كما أنَّ الإعلان في هذه الحالة قد يُخفِي عملية احتيال لبيع العقار دون أيَّ تفويضٍ من المالك.
رقم ترخيص المعلن إذا كان مكتباً عقارياً أو مسوقاً أو صاحب وثيقة عمل حر؛ ذلك حتى يكتسب الإعلان صورةً رسميةً شفَّافةً، وبغرض مراجعة المُعلِن تأديبياً عن أية تجاوزاتٍ في الإعلان.
موقعه العقار، بحدٍّ أدنى المدينة والحي ورقم المُخطَّط إن وُجِدَ؛ فلا يجوز أن يكون الإعلان مُغفَلاً من الموقع، حيث إنَّ هذا الإغفال يُعدُّ قرينةً على السعي لتضليل الناس.
بيانات العقار، وهي:
* مساحة العقار.
* النزاعات القائمة بشأنه إن وُجِدَت.
* الرهن أو القيد الذي يَمْنَع أو يحدُّ من التصرُّف أو الانتفاع من العقار.
* الحقوق والالتزامات غير المُوثَّقة في وثيقة العقار.
* الخدمات المُتعلِّقة بالعقار.
* المعلومات التي قد تؤثِّر في العقار سواءً في خفض قيمته أو التأثير على قرار المستهدف بالإعلان، مثل الضمانات ومُدَدِهَا ومطابقة كود البناء السعودي والعمر للعقار القائم وغير ذلك.
وسيلة تواصل فعالة مع المعلن؛ أياً كانت.
في الواقع، تبدو معايير الإعلان العقاري كافيةً لوضع الشخص المُستَهدَفٍ من العقار في ضوء مواصفات العقار والمُشكلات التي تُحيط به، لكن يبقى احتمال قيام المُعلِن بمخالفةٍ لهذه الضوابط أمراً محتملاً، وهذا سيؤدِّي إلى آثارٍ سلبيةٍ كبيرةٍ لن تُغطِّيها مسؤولية تأديبية أو تعويض.
لذلك، يمكن أن تقوم الهيئة العامة للعقار عبر لجنة خاصَّة بمراجعة كلِّ إعلانٍ عقاريٍّ على حدة، وربط معلومات العقار المُعلَن عنه مع المُخطَّطات والسجلَّات وغيرها من البيانات العقارية؛ وهكذا يمكن لعملية تدقيقٍ لا تتجاوز دقائق أن تكشف عن أية مخالفاتٍ لضوابط الإعلان العقاري.
والله الموفق.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734