الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكثر البشر على سطح أرضنا يخلطون بين الحوكمة والقانونية في المنظمات باختلاف طبيعتها وأيضا يخلطون بين الحوكمة والجودة أو الحوكمة والتميز المؤسسي أو الحوكمة والمراجعة الداخلية. وهذا الخلط شبيه بالخلط بين الملح والسكر فللملح طعمه وأغراضه وللسكر طعمه وأغراضه. سأفند اليوم “بحضوركم الكريم” ما يميز الحوكمة عن القانونية فقط في النقاط التالية وقد ييسر الله تعالي لي مقالات أخرى للحديث عن الخلطات الأخرى المذكورة آنفاً في أيام لاحقه.
الأول، القانونية هي منطقة وحرم صنع القرار بينما تسعى الحوكمة لتطوير منهجية صنع القرار. فلو أراد المشرع متخذ القرار – وأقصد به أعلى مسؤول في المنظمة – صنع قرار من أجل اتخاذه فإنه سيطلب من القانونيين صياغة هذا القرار بطريقة قانونية احترافية تعين من تحته لفهم وتنفيذ القرار الذي أتخذه. في المقابل، فإن الحوكمة وجدت من أجل تقنين وتحسين عمليات صنع القرار دون المشاركة في صنعه وذلك بتوفير المعايير والأدوات ومشاركة أصحاب المصلحة في صنع القرار بالإضافة الى الشفافية وإزالة كل ما يخص تعارض المصالح.
ثانياً، القانوني هو مستشار المشرع وأداته الرئيسية داخل المنظمة والمحامي خارجها وفي المقابل فإن مسؤول الحوكمة هو ممثل أصحاب المصلحة داخل المنظمة فقط. على سبيل المثال لا الحصر، للحوكمة الرشيدة تسعة مبادئ منها مشاركة أصحاب المصلحة في صنع القرار ومحاربة الفساد لتحقيق تطلعات ورغبات أصحاب المصلحة والعدالة بين أصحاب المصلحة مثل حماية الأقلية ضد الأكثرية وهذه المبادئ يجب أن تعكس بشكل واضح في الأعمال الداخلية للمنظمة عن طريق حوكمة النماذج التشغيلية والآليات المستخدمة والمعايير المطبقة. أما القانوني فنطاق عمله واضح وباد كما ذكرنا في بداية هذه الفقرة.
ثالثا، يمتلك الخبير القانوني في المنظمة – ولا أقصد هنا المختص منهم –مهارات قانونية عالية وعميقة في مختلف فروع وتشعبات الأمور القانونية مثل الأمور القانونية في العقود والمحاكم وتشريعات الدولة. وفي المقابل، فخبير الحوكمة يجب أن يمتلك المهارات التي يمتلكها كحد أدنى المختصين في المجالات القانونية والاستراتيجية والمالية والإدارية والتشغيلية وإدارة المشاريع وإدارة المخاطر والرقابة الداخلية حتى يستطيع أن يقارع ويواكب العمليات من أجلها حوكمة المنظمة.
باختصار، الخبير القانوني سيد بحره أما خبير الحوكمة فلابد له أن يطوف جميع البحار ويخوض تجاربها ويصبح سيد أسطوله البحري وهنا فقط نستطيع أن نطلق عليه “خبير حوكمة”.
أخيراً، يحق للقانوني أن يمثل بحرية مقيدة المنظمة أمام أي جهة وفي أي مناسبة حتى لو كانت إعلامية وهو حق للقانوني لا يمتلكه مسؤول الحوكمة في المنظمة. فمسؤول الحوكمة مقيد الحرية لا يستطيع أن يمثل المنظمة خارج المنظمة إلا في حالات نادرة جداً ومعدودة.
وللذكرى من مقالات سابقة، فإن الحوكمة ما تزال يافعة وهي كالوحش لم يستطع أحد أن يقيدها بقيد لأنه عظمتها تتعاظم كل يوم وقد يفرض الزمن القريب فرضاً بعد أن كانت مستحباً أن تحوكم الأعمال كلها ومنها الأعمال القانونية.
وتحياتي،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال