3666 144 055
[email protected]
غريغور ماكغريغور صاحب أكبر عملية احتيال في التاريخ لدرجة أنه يسمى بملك المحتالين. في عام 1822، استطاع المحتال الإسكتلندي بإقناع الكثير من الأغنياء في بريطانيا بأنه أمير لدولة اسمها بويايز والتي تقع على منطقة ساحل موسكيتو (The Mosquito Coast) على ساحل البحر الكاريبي والتي هي الآن دولتي نيكاراغوا وهندوراس. وجعل التجار يصدقون كذبته بأنها أرض خصبة وستدر الكثير من الأرباح على من يستثمر بها، لدرجة أنه جلب أشخاص مثلوا بأنهم من سكان هذه الدولة، ورسم اللوحات التي نقلت صورة خلابة لهذه الدولة. وهذا جعل الكثير من كبار القوم آنذاك، وصولا إلى الملك، بالاقتناع بكلام هذا المحتال، وإفراغ صكوك الأراضي للمستثمرين المخدوعين. الشاهد من هذه القصة أن كل عملية نصب ناجحة تعتمد بالأساس على جعل الآخرين يصدقون أمرا لا وجود له في الواقع، وهذا ما اعتمد عليه الإعلام النازي باعتماد المبدأ القائل بأن قابلية الناس لتصديق كذبة ما تزداد بازدياد حجم الكذبة. لذلك نجد أن هناك قصص للاحتيال المالي على مر العصور، وتختلف الأساليب واشكال الاحتيال وفقا للعصر الذي تزامنه قضية الاحتيال.
في عام 2018، أشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الاحتيال والجرائم المالية هي صناعة تبلغ قيمتها تريليون دولار، حيث أفاد بأنه خلال عام 2017، أنفقت الشركات ما يقرب من 8.2 مليار دولار على ضوابط مكافحة غسل الأموال (AML) وحدها. وغالبا، في عصرنا الحاضر، أكثر الجهات التي يقع عليها عبء مكافحة الاحتيال المالي هي المؤسسات المالية والبنوك. فتنشأ المخاطر التي تواجه البنوك من عوامل متنوعة، بما في ذلك التعرض للاحتيال والجرائم المالية الملازمة لتطور التكنولوجيا، النمو الهائل في أحجام المعاملات، وزيادة تكامل النظم المالية محليا ودوليا، كما ازدادت جرائم الإنترنت والقرصنة والتي استخدمت للاحتيال المالي.
لذلك، نجد أنه في مجال الجرائم المالية، يقوم المنظمون بمراجعة القواعد باستمرار للحد قدر الإمكان من الاتجار غير المشروع وغسيل الأموال. لذلك نجد أن البنك المركزي السعودي (SAMA) قد أشار إلى أن جريمة الاحتيال المالي هي إحدى الجرائم الأصلية لجريمة غسل الأموال. حيث إن المحتالون يعملون على غسل أموالهم التي تحصلونها من عمليات الاحتيال وذلك لإخفاء مصادرها غير المشروعة لذلك هناك تداخل بين التدابير المتعلقة بغسل الأموال وبمكافحة الاحتيال المالي.
ومن هنا، نجد أن المشرع السعودي اهتم بهذا الأمر من ضمن خطة تحقيق رؤية 2030. لذلك، تم إصدار نظام مكافحة الاحتيال وخيانة الأمانة والذي بدأ بالسريان منذ الشهر الماضي. ووجود نظام يجرم هذا الفعل، يعني عدم القدرة على التهرب من العقوبة مثلما كان في السابق حيث كان فعل الاحتيال المالي هو عبارة عن جريمة تعزيرية قد يستطيع مرتكبها التملص منها.
صدور مثل هذا النوع من الأنظمة هي عبارة عن وقفة جادة ضد جميع أنواع الفساد، ليس فقط الفساد في القطاع العام، وإنما الفساد بكافة صوره بغض النظر عن القطاع التي ارتكبت فيه الجريمة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734