الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان مناهم يقود سيارته بلا هدى بينما يفكر في مستقبله الاستثماري بعد خبر صاعق أصابه صباح هذا اليوم المشرق من أيام الجبل، فقد قرأ في موقع صحيفة يديعوت احرونوت العبرية الشهيرة على الانترنت، ان قرارات اصدرتها خمسة وعشرون شركة عالمية، ستنتقل على اثرها مقراتها الإقليمية رسمياً إلى السعودية!؛ قرار لم يكن احد يتوقعه قبل حوالي ست سنوات، ولكن عزيمة وقوة السعوديين في الإدارة والتجارة والعلاقات الدولية التي تثير إعجاب العدو قبل الصديق. نجحت في جذب الانظار والاستثمارات إليها بذكاء وحنكة.
تذكر مناهم قصصاً سردها له والده افرام بنيامين منذ سنوات طويلة، حيث كان افرام مهندساً بولندياً يعمل مع شركة بريطانية كبرى في ميناء عدن باليمن، وكان يحكي له عن تلك الفترة وكيف كانت عدن مقصداً للشركات العالمية كمقر اقليمي في الشرق الأوسط، وبعدها استطرد افرام بالحديث عن الانتقال من عدن إلى بيروت، والتي لم تدم طويلاً مع دخول بيروت في دوامة الحرب الأهلية، وبعدها أصبح الجبل هو المستقر والمتاع، حتى قرر السعوديين ان ينالوا مكانتهم المستحقة من أكثر من خمسين عاماً.
نعم هي مكانة مستحقة تركها السعوديون للآخرين كمنحة وتفضل وكرم منهم، فمن المعروف ان وجود الشركات العالمية في الشرق الأوسط يعتمد على اكبر سوق بالمنطقة، وهو السوق السعودي طبعاً. رفع مناهم رأسه للسماء ليجد سرباً من الطائرات الخضراء التابعة لسلاح الجو السعودي، ترسم انبعاثاتها الخضراء لوحة فنية في سماء الخليج ضمن مسابقة استعراضية، وكأنها تقول له: انه زمن السعوديين.
“لقد أخذوا كل شيء، الميناء والملصقات واعادة التصدير والان مقرات الشركات، لماذا مازلنا هنا، مالذي بقي لنا”؟ قالت “بيانكا” زوجة مناهم هذه الكلمات بلغة شرقية قديمة يملؤها الحنق والقهر، وهي تشير إلى حالهم في الجبل، فنظر إليها مناهم باحباط قائلاً: “مالعمل يا بيانكا، هل نعود إلى اورشليم ونجوع، ام نبقى في مستنقع الأسمنت هذا ونجد قوت يومنا؟، لقد ودعت حلم الثراء السريع من المال الخليجي، والسعودي تحديداً، إلى الأبد. لم يعد لنا مكان، وقد نعود لنرعى البقر في بولندا، والله انه لخير لنا”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال