الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وافقت هيئة سوق المال على طرح برغرايزر في السوق رغم تضارب المصالح بين اثنين من كبار ملاك برغرايزر و مجلس إدارة برغرايزر والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات دبي الوطني كابيتال كما هو موضح في نشرة الاكتتاب بالتفصيل، وفي المقابل رفضت هيئة سوق المال استحواذ جازادكو على جازل لما تنطوي عليه الصفقة من تضارب مصالح وفق التفصيل المعلن في تداول. وليس الغرض من المقال تقييم أي من الشركتين من الناحية الإدارية والمالية فهذا شأن مساهميها وملاكها، كما ليس الغرض من المقال تسليط الضوء على جدوى طرح برغرايزر أو اندماج جازادكو مع جازل فهذا أيضا شأن المستثمرين والملاك، ولكن الغرض من المقال محاولة فهم قرار هيئة سوق المال برفض صفقة جازادكو لتضارب المصالح وموافقتها على طرح برغرايزر رغم تضارب المصالح.
لا شك أن هيئة سوق المال خطت خطوات مهمة في ترسيخ الشفافية و في بناء مؤسسة حكومية قائمة على العمل المؤسساتي وفق تشريعات وأنظمة واضحة للمستثمرين والمضاربين، وهذا انعكس جليا في التدفقات المالية لسوق المال سواء من المستثمرين والمضاربين المحليين او الاجانب، كما خطت الهيئة خطوات مهمة و نوعية في الرقابة على سلامة التداولات من التلاعب، وما يعلن في هذا الخصوص واضح للعيان، وكل هذا يأتي ضمن ما تستحق ان تكون عليه سوقنا المالية وعليه يشكر القائمين على الهيئة.
ولكن هناك تساؤل يدور في أذهان المتابعين في كيفية تعامل الهيئة مع حالات تضارب المصالح حيث انها تسمح في حالة برغرايزر و ترفض في حالة جازادكو، على الرغم من أن كلا الشركتين أفصح عن تفاصيل التضارب وكلا الشركتين تعامل بشفافية مع حالة التضارب هذه. ولا نستطيع ان نلوم المتابعين و المستثمرين والمضاربين اذا كانت ارائهم تصب في خانة أن الاجتهاد الشخصي لمجلس هيئة سوق المال هو الفاصل هنا في الموافقة من عدمه، ولكن ألا يستحق سوقنا أن يكون التشريع والقانون هو الفاصل في القبول من عدمه. نعم سيظل الرأي الشخصي الناتج عن خبرات صانعي القرار في الهيئة موجودا وهو مهم ولهذا تأتي اهمية الخبرات المتراكمة للفرد، ولكن أليس من المهم تقليص الرأي الشخصي لمستوى تفسير التشريع والقانون بدلا من أن يكون الرأي الشخصي هو المرتكز الأساسي في صناعة القرار.
اعتقد انه لابد ان يكون هناك تشريع واضح في التعامل مع حالات تضارب المصالح ليسهل على مجالس الإدارات والملاك التأقلم وفقها حين يتقدمون بملف طرح شركتهم او اندماجها، ولابد أن يكون التشريع واضحا بحيث لا يكون للرأي الشخصي فيه اي تأثير الا في حدوده الدنيا، ومن ثم يكون القرار بالموافقة او عدمه على عملية التضارب في المصالح قرار المستثمرين والجمعيات العمومية للشركة، ويكون دور هيئة سوق المال ضمان تطبيق بنود التشريع وفق ما هو منصوص عليه في التشريع. وهيئة سوق المال أثبتت قدرتها وكفاءتها في تقديم التشريعات الضامنة لمصالح السوق، ومع تطورات سوقنا المالية اعتقد ان مثل هذا التشريع مطلب مهم.
شخصيا أود الإشادة بـ إفصاحات كل من جازادكو و برغرايزر عن تضارب المصالح في الصفقتين، كما أتفهم قرار الهيئة في كل من الصفقتين واعتقد ان لكل اسبابه ومنطلقاته، ولكن وجود تشريع حاكم لتضارب المصالح يرجع له الأطراف كافة يجعل من عملية البت شفاف هو الآخر.
سوقنا المالية يشهد خطوات كبيرة في الإصلاح، وهذا انعكس في نموه حيث أنه أصبح يمثل أكثر من ٩٠% من حجم الاقتصاد (باستثناء أرامكو)، والتشريعات والقوانين يجب ان تكون مرتكز في صناعة القرار، فهذا يعزز العمل المؤسساتي الذي تسعى الهيئة لتكون عليه، و وجود قانون لتضارب المصالح يسهل من صناعة القرار سواء كان القرار لهيئة سوق المال او للمستثمرين أو للشركات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال