الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ فترة، هاتفني صديقي الذي يدير منشأة صغيرة بها ما يقارب العشرين موظفا، شاكياً لي من تذبذب أداء بعض الموظفين، واختلاف مستوى إنتاجيتهم بشكل كبير بين وقت وآخر، علـي الرغم من امتلاكهم للمهارات والخبرة اللازمة، وجودة عمل مميزة، في مقابل ما تقدمه المنشأة لهم من رواتب مجزية وحزمة جيدة من الفوائد، إلا أن هذه المشكلة تقابله علـى فترات متقطعة، وبالتالي يتأثر الجدول الزمني للمشاريع التي يعملون عليها. بعد عدة أسئلة وبعض الاستفسارات منه عن طبيعة العمل والموظفين، اتضح أن هناك عدم اهتمام كافي من جانبه بدعم الصحة الذهنية لموظفيه.
لذا اتفقنا على القيام ببعض الخطوات، لكي نستطيع حل هذه المشكلات، وكان أولها؛ أن نحدد العمر الخاص بالموظفين الذين يعانون من مشكلات متعلقة بالصحة الذهنية، على الرغم من أن هناك نسبة أقل من الجيل الأكبر سناً، كانت النسبة الأكثر من جيل الألفية، والحقيقة لم أندهش، لما لهذا الجيل من خصائص تحتاج تعامل أكثر وعيا معه في العمل والحياة بشكل عام، خصوصا في فترات الأزمات.
ثاني الخطوات؛ تحليل مستوى التواصل والاتصال مع الموظفين، وتحديد ما إذا كان يحتاج إلى زيادة أنشطة التواصل أم لا، وبالطبع كانت النتيجة المتوقعة، أن هناك معلومات قليلة أو تكاد تكون منعدمة تصل إلى الموظفين، حول أنشطة المنشأة وخططها، والوضع المالي للمنشأة، وما إذا كان هناك تحديات تواجه المنشأة أم لا، فضلا عن مشاركتهم في وضع حلول لهذه التحديات. بالإضافة إلى ذلك؛ كان التواصل قليلا بخصوص النقاشات مع الموظفين حول تخوفاتهم الحياتية، والعملية، ومشاكلهم الخاصة، وما إذا كانت هناك مشكلات أو تحديات خارج نطاق العمل تؤثر عليهم أو على تفكيرهم أثناء العمل أم لا.
ثم اتجهنا إلى أهمية توفير بيئة عمل مرنة، وبث روح التكيف مع المتغيرات، ومناقشة كيفية النظر إلى النتائج أكثر من النظر إلى طريقة العمل، من خلال دراسة الدمج بين طريقة العمل في المكتب والعمل عن بعد في بعض الأيام، أو خلق أفكار جديدة وجعل الموظفين يشاركون في تحديدها وتطويرها، من خلال الاستماع إلى أفكارهم بشكل مستمر.
ومع مرور الوقت وبهذه الخطوات البسيطة، كانت النتيجة؛ تحسّن أداء فريق العمل بشكل أفضل وبشكل منتظم، ساعده في الالتزام بالجداول الزمنية الخاصة بالمشاريع التي يعملون عليها، وقلّت بشكل ملحوظ نسبة تذبذب واختلاف مستوى الأداء لدى الموظفين.
وهنا أود الإشارة إلى أن الاهتمام بالجانب النفسي والذهني لفريق العمل، ربما كان في السابق ليس له من الأولوية في اهتمامات المنشآت والمدراء وأصحاب العمل، لكن الآن، ومع التغيرات الكبيرة التي يشهدها سوق العمل، أصبح من أهم الموضوعات التي تتجه المنشآت عالميا إلى جعلها أولوية قصوى، خصوصا في مثل هذه الفترات الحرجة التي نعيشها، وما يصاحبها من تأثيرات متعلقة بجائحة كورونا، لما لها من صدى كبير على الصحة الذهنية والنفسية للموظفين، فالرعاية والاهتمام بهذا الجانب يُزيد من ارتباط فريق العمل بالمنشأة، وبالتالي يؤثر على مستوى الأداء والإنتاجية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال