3666 144 055
[email protected]
ظهرت خلال الأيام الماضية جهود توعوية من بعض المؤثرين بخصوص أثر التقييم الكيدي في متصفح جوجل على المطاعم والمقاهي، وكيف أن انخفاض التقييم له أثره السلبي والمدمر في خروج الكثير من شبابنا من السوق. والحقيقة أن أثر التوصيات التقليدية للمستهلكين (WoM) تم دراستها علمياً منذ عام 1966م تقريباً والتأكيد على أثرها الكبير على سلوك المستهلك في نيته للشراء من عدمه أو حتى نيته في إعادة الشراء مرة أخرى، لأننا على الأرجح نتأثر من توصيات أصدقاءنا لشراء المنتجات والخدمات. بل هناك شركات اعتمدت على تلك الطريقة لخروج منافسيها من السوق بنشر اشاعات عن مثلا مصدر الأغذية المستخدمة أو صحة العاملين في المطعم أو المقهى. ولا أزال أتذكر تلك الاشاعة التي انتشرت مثل النار في الهشيم منذ سنوات عديدة وقبل دخول الانترنت لعلامة تجارية مشهورة في تقديم البرجر من أن موظفي ذلك المطعم مصابين بالإيدز وأن الكاتشب المستخدم في الوجبات ملوث بذلك المرض وهو ما أدى برأيي إلى خروجهم التدريجي من السوق والذي تزامن مع دخول علامة تجارية كبيرة وشهيرة في السوق السعودي آنذاك.
والآن ومع عصر الانترنت أصبح الأمر أكثر تأثيراً من ذي قبل. ففي السابق التأثير محصور في دائرة الأصدقاء والمعارف، أما الآن فالتأثير مفتوح لمن تعرف ولمن لا تعرف وهو ما يعرف ب(EWOM). فكل ما يلزمك هو الدخول لأي مكان مخصص لتقييمات المستهلكين ويمكنك استطلاع الآراء والتقييمات والتأثر بها وتشجيعك على الشراء من عدمه.
تشير الدراسات إلى أن المستهلكين يميلون عادة إلى استطلاع آراء الآخرين في الانترنت عند عدم معرفتهم السابقة بالعلامة التجارية أو بالمنتج، وبالتالي يتم بناء قراراتهم الشرائية على عوامل كثيرة من أهمها -إذا لم يكن أهمها- هو تأثرهم بما قرأوه من توصيات الكترونية تساعدهم/تمنعهم من قرار الشراء. وتنبع الأهمية البالغة لتأثير EWOM على المستهلكين لعدة أسباب من أهمها:
– المستهلك يبحث ويركز عادة على التقييم الالكتروني السلبي وأسبابه مقارنة بتركيزه على التقييم الإيجابي وأسبابه.
– العميل ذو التجربة السلبية (الغير راضي) يُعبر عن رأيه الكترونياً بنسبة 300% تقريباً مقارنة بالعميل الراضي.
– وجود سوق سوداء من الشركات المتخصصة فقط في كتابة آراء وتقييمات سلبية ضد المنافسين بهدف الضرر.
– التحشيد والتأثير العاطفي والمقاطعات الالكترونية التي يفعلها المستهلكين ضد مقدمي الخدمات والمنتجات سواء كان بوجود سبب حقيقي أو بسبب عاطفي أو بسبب كيدي.
وبالنظر للأسباب أعلاه، ندرك أن التقييمات الالكترونية السلبية قد لا تُعبر عن الحقيقة ولكنها للأسف تؤثر تأثيراً كبيراً وبشكل سلبي على سمعة مقدمي الخدمات والمنتجات. ولا يوجد للأسف حل سحري موحد لمقاومة التقييمات السلبية الالكترونية وتحسين السمعة، ولكن لعل من أبرز الحلول من وجهة نظري هو العمل بجد على تحفيز العملاء الراضين على مشاركة تجاربهم الإيجابية الكترونياً وتصميم طرق إبداعية تشجع العملاء على التصوير ومشاركة صورهم وآرائهم في مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة.
وهناك دور للمؤسسات الإعلامية المحلية في إطلاق حملات توعوية عن أهمية وطريقة التقييم الالكتروني العادل الأخلاقي وتوضيح أثر التقييم الكيدي في خروج الكثير من أبناءنا من السوق وتأثير ذلك على الاقتصاد المحلي كنتيجة نهائية. ولا ننسى دور المستهلك كذلك في وعيه وتفريقه بين التقييمات الكيدية والحقيقية.
خلاصة القول، نحن في زمن قوة المستهلك وتأثيره، فلنكن عادلين ومنصفين في تقييماتنا الالكترونية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734