الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مكونات أي صناعة هي ” مواد أولية، خط انتاج وعمليات، و منتجات مصنعة”، ومكونات أي قرار هي “معلومات أولية، وعملية تحليل، والنتيجة قرار”. من خلال عملي مع عدد من قادة القطاعين الخاص والعام وأيضا الغير ربحي، آمنت ان المهارة التي تميًز القادة وتكسبهم ثقة فريق عملهم وتحرك الفرق تجاه النتائج، هي “مهارة صنع القرار”، لذلك سأتحدث اليوم عن القرار .. كصناعة عندما نتعرف على موادها الأولية وعلى عملية الإنتاج، نتمكن من رؤية “منتجات” القرار بشكل أوضح.
تتسم هذه الصناعة “صناعة القرار” بأن موادها الأولية غير ثابتة! وأن عملية الإنتاج تستند على الخبرات السابقة وطريقة التفكير ونتائج التجارب الخاصة لكل عقل، والمخرجات أو المنتجات تعتبر نصف مصنعة إلى ان تمر بمرحلة التنفيذ الكامل. لذا راقبت عدداً من القادة المميزين ووجدت أنهم يتخذون قراراتهم بثقة وحسم حتى في ظل غياب المعلومات الكاملة، و بمراعاة تامة لعامل التوقيت، لأن القرار المتأخر أسوأ في كثير من الأحيان من عدم اتخاذ القرار!. كما لاحظت أيضا أن تحمل مسؤولية القرار هي سمة صعب أن يمتلكها غير القائد الحقيقي.
من كل ماسبق، سألخص خمس نصائح أتمنى أن أكتبها بالذهب وأهديها لكل من يقع في موقع القائد وتتصف قراراته بالتأثير واسع النطاق على المنشأة، والعاملين، والبيئة. هي كالتالي:
أولاً: حدد المشكلة بشكل جيد، ولا تأخذ قرارات تعالج ظواهر المشكلة وليس أساسها، مثال “مشكلة حدة التعامل بين فريق العمل وعدم التعاون” من غير السليم أن يكون قرار المعالجة معاقبة أحدهم أو فصله!، قد تكون المشكلة الأساسية في عدم عدالة توزيع الأعمال، أو الفرص غير متساوية، والحلول هنا أسهل وأجدى. قرار القائد يجب أن يعالج أساس المشكلة وليس ظواهرها.
ثانياً: ضع في الحسبان عواقب القرار الذي ستصنعه، ادرس الايجابيات والسلبيات واختر القرار الذي يميل للايجابية أكثر من السلبية. لكل قرار وجهان، مستفيدين ومتضررين، رابحين وخاسرين، حاول قدر المستطاع أن تزيد الجانب الإيجابي من القرار.
ثالثاً: افصل مشاعرك عن عملية صنع القرار، لا تصنع قراراً وأنت سعيد جداً أو وأنت منزعج جداً!، هذه النصيحة ترتفع أهميتها كلما ارتفع منصب صانع القرار، لأنك في أعلى الهرم تغيب عنك الكثير من التفاصيل، التي بتوفرها قد تتغير مشاعرك كثيراً. صدّق حدّسك ولكن لا تعتمد على مشاعرك، الحدّس هو من خلاصة تجاربك و معارفك وخبراتك السابقة، إنما مشاعرك لحظية تتغير من وقت لآخر بناء على حجم ونوعية المعلومات التي وضعت أمامك.
رابعاً: تأكد أن مسؤولية القرار هي مسؤوليتك تماماً ، من الجيد والمجدي ومن الحكمة أن تستمع لمستشارينك والخبراء وأيضاً حتى الأصدقاء، إنما مسؤولية اتخاذ القرار الأنسب هي بالتأكيد لك وحدك، وستتولى مسؤولية القرار بشخصك.
خامساً: ضع لنفسك توجهاً عاماً وأهدافاً أساسية ، هذا التوجه سيصنع لك بوصلة توجه قراراتك نحو الأهداف التي وضعتها. تأكد أن لدى ذهنك قيماً ثابتة ووجهة محددة تجذب إليها القرارات التي تصنعها في كل لحظة.
خلاصة القول، صناعة القرار هي مهارة تحتاج إلى الشجاعة، التمرس عليها يقفز بك في سلم النجاح عالياً، عدم اتخاذ القرار هو بحد ذاته قرار، إنما عواقبه جسيمة! وقد يكون أحد أسباب التأخر أو الفشل. القادة الحقيقيون لا يتوانون أبداً عن صناعة القرار بشكل مستمر، بثقة ووعي، ولا يتأخرون أبدا عن تعديل هذه القرارات في حال اكتشفوا فيها خللا ما. إنما لا يطيلون البقاء في المنطقة الرمادية بدون اتخاذ قرار حاسم.
مهما كان مستواك الإداري اليوم، اصنع قرارك، تمرس على توجيه بوصلة قراراتك نحو وجهة واحدة تحقق أسمى الأهداف.
تحلى بالشجاعة … واصنع قرارك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال