الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يرى البعض ضرورة التركيز على الابتكار الفعلي بدلاً من الاهتمام بالحصول على براءات الاختراع وحسب، وذلك لأن امتلاك سيارة لا يجعل المرء متقناً للقيادة، وكذلك براءات الاختراع ليست كافية في حد ذاتها. ولكي يتم تصنيف المنظمات أو الجامعات بالريادة في الابتكار، وتتويجاً للجهود الكبيرة والمميزة المبذولة في هذا المسار، يرى البعض أن النتائج الواضحة ذات الأثر الملموس على أرض الواقع، من خلال الاستفادة الفعلية من تلك الاختراعات، هو ضرورة اقتصادية بالغة الأهمية.
إن التكلفة المالية التي تصرفها الجامعات ومراكز الأبحاث في الاختراعات تبلغ عشرات المليارات سنوياً، ولذلك يجب التأكد دوماً من أن براءات الاختراع لا تكون كالمياه الراكدة، وإنما تكون مصدراً ابتكارياً يعود بالفائدة الاقتصادية بنسب مضاعفة.
وقد قامت المملكة بدعم كبير لبراءات الاختراع خلال السنوات الماضية. وخلال هذا العام ٢٠٢١م، أطلقت الهيئة السعودية للملكية الفكرية برنامج المسار السريع لفحص طلبات براءات الاختراع، والذي تهدف من خلاله إلى تسريع مسار الفحص للاختراعات في مجالات التقنية والمنتجات المستهدفة الأخرى، وفق شروط وضوابط محددة ومذكورة في موقع الهيئة السعودية للملكية الفكرية.
كما قامت المملكة بإنشاء “الأكاديمية السعودية الرقمية” بالشراكة مع القطاع الخاص، في عام ٢٠١٩م، من أجل تطوير القدرات الرقمية للدارسين، ومن خلالها تم تدشين ١٤ معملاً للابتكار الرقمي، وكذلك تم إطلاق ١٠٤ مركزاً للعلوم والرياضيات داخل المدارس، من أجل خلق بيئة جاذبة وخلاقة تدعم الابتكار في مجال التقنية.
ومن الجدير بالذكر، أنه وعلى مستوى براءات الاختراع الممنوحة داخل المملكة، بلغ عدد براءات الاختراع الممنوحة نحو ٧٠٥ في عام ٢٠٢٠م، ونحو ٤٨٠ براءة اختراع في ٢٠١٩م، ونحو ٥٦٩ براءة اختراع في ٢٠١٨م، ونحو ٥٠١ براءة اختراع في ٢٠١٧م، بحسب التقرير السنوي للهيئة السعودية للملكية الفكرية.
ومن جهة أخرى، وفي الجامعات الحكومية، فقد ارتفعت نسبة النشر في البحث العلمي بنحو ١٢٠%، خلال عام ٢٠٢٠م، حيث بلغ عدد الأبحاث التي نشرتها الجامعات أكثر من ٣٣ ألف بحثاً. كما أن المملكة نجحت في تصدر الدول العربية في قائمة ال ٥٠ العالمية لأكثر الدول حصة في البحث العلمي في “مؤشر نيتشر ٢٠٢١”، وحافظت أيضاً على مركزها عالمياً بوصفها أعلى مساهم في تلك الحصة بين الدول العربية وثاني أعلى مساهم في دول غرب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا المشمولة في مؤشر هذا العام.
ويأتي التساؤل التالي.. وماذا بعد النجاح في ازدياد أعداد براءات الاختراع والأبحاث العلمية في المملكة…. ما هو الأثر الاقتصادي الملموس..؟
وهنا تأتي الإجابة..
نبدأ مع “مركز أرامكو السعودية لريادة الأعمال (واعد)”، ومن أهدافه رعاية مشاريع ريادة الأعمال المتميزة وتمكين قادة مستقبل الأعمال، حيث قام المركز بالدعم المالي وتوليد أكثر من ١٠,٠٠٠ وظيفة والتوجيه الاستثماري لأكثر من ١٦٠ مشروع ريادي متنوع بالمملكة لأكثر من ٨٠٠٠ من رواد الأعمال، في مجالات مختلفة مثل: الطاقة، والطاقة الشمسية، وخدمات الطاقة، والسلع الصناعية، والتصنيع، والمواد الكيميائية، وسلاسل الإمداد، وتقنية المعلومات، والرعاية الصحية، والتعليم، وذلك من أجل تعزيز التنوع الاقتصادي في المملكة.
وكخطوة مميزة أخرى، أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة هذا العام، ٢٠٢١م، عن إطلاق “جائزة الابتكار الرقمي”، والتي يتنافس عليها جميع المخترعين والمبتكرين والباحثين، من حاملي براءات الاختراع الرقمية، من أجل تحويل ابتكاراتهم واختراعاتهم إلى مشاريع وفرص رقمية تجارية وريادية واعدة، تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، على أرض الواقع.
وأما مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فلديها “برامج دعم للبحث والابتكار”، حيث تقوم بتقديم الدعم المالي للباحثين في مؤسسات البحوث الوطنية لتنفيذ الأنشطة البحثية والابتكارية القابلة للتنفيذ. كما تقوم بتوفير فرص تدريبية للباحثين في الشركات الصناعية الرائدة والجامعات المتميزة.
وكذلك، فقد حققت وزارة التعليم، من جهتها، قفزة كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني بالمملكة من خلال إنشاء “وكالة البحث العلمي والابتكار” لتتولى مهام البحث والابتكار، وذلك عبر العديد من المبادرات الاستراتيجية، ومنها الشراكة بين الجامعات وقطاع الصناعة في المملكة، لدعم المبتكرين والمبدعين وتطوير مهاراتهم العلمية بالعديد من ورشات العمل لتمكينهم من تحويل أبحاثهم وأفكارهم القابلة للتطبيق إلى مشاريع ريادية في قطاع الصناعة، بالإضافة إلى إطلاق العديد من المشاريع التجارية الابتكارية التي تدعم النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، على أرض الواقع. كما قد قامت وزارة التعليم أيضاً بدعم منظومة البحث والابتكار، عن طريق إنشاء منصات للابتكار تهدف لدعم قطاع ريادة الأعمال، كما قامت ببناء إستراتيجية للبحث العلمي في الجامعات الحكومية تهدف لرفع جودة النشر العلمي، ورفع مستوى الباحثين، بما ينعكس على مؤشرات التنمية الاقتصادية.
وهذه كانت بعض الأمثلة.. ويوجد غيرها الكثير من الجهود المبذولة الأخرى..
وكافة تلك الجهود المميزة، والتي تترجم براءات الاختراع إلى ابتكارات فعلية، هي جهود تتماشى مع رؤية ٢٠٣٠ من أجل ترك بصمات واقعية في المجالات المختلفة والتي تهدف إلى تنوع وتعزيز الاقتصاد المستدام في المملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال