الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد هيكل ونوع الملكية Firm Ownership للمنشأة ذا تأثير هام على سلوك التصدير في المنشآت، لأنه مرتبط بدرجات مختلفة من المخاطرة وبالتوسع في المبيعات. وقد ناقشت عدة مناهج ودراسات اقتصادية تأثير سلوك ملاك المنشآت نحو التوجه إلى التصدير، وقد أرجعت تلك المناهج جذور الملكية للمنشآت الى نوعين هما الملكية الفردية او العائلية والملكية من خلال الشراكة، ومن ثم توسعت التحليلات بإضافة مشاركة الاستثمار الأجنبي في ملكية المنشأة من أجل التحقق في تأثير ما إذا كانت هذه المشاركة تمثل عنصرًا نشطًا في دفع المنشآت إلى التصدير.
ولهذا الغرض، بات من المهم تحليل ودراسة أنواع الملكية المختلفة بشكل أكثر دقة، وبحث مدى الاختلافات في أنواع ملكية المنشآت على سلوكهم الاستراتيجي. أحد الفرضيات التي يتم مناقشتها هو ما إذا كان جميع أنواع الملاك يتصرفون بطريقة مماثلة أو ما إذا كانت هناك اختلافات نتيجة أنواع مختلفة من الإدارة. وعلى الرغم من أن للملكية العائلية مزاياها بما في ذلك التوجه طويل الأجل والمرونة، وسرعة اتخاذ القرار وثقافة العائلة والالتزام، فإن المنشآت العائلية تواجه أيضًا عيوبًا تتمثل في محدودية الوصول إلى الموارد والقدرات اللازمة، خاصة بالنسبة للأسواق الدولية والقدرة على الحفاظ على الميزة التنافسية. بالإضافة إلى ذلك غالبًا ما يصبح الفصل بين الأهداف التجارية والأهداف الشخصية غير واضح في المنشآت العائلية. كما أنه يمكن توقع أن تتجنب المنشآت العائلية المخاطرة فيما يتعلق باستثمارات العائلة لأن نسبة عالية من ثروة عائلة المالكين يتم استثمارها في المنشأة. اما ميزة النوع الثاني من الملكية، وهو ملكية المنشأة عبر المساهمين الكبار (أي مالكين كمية كبيرة من أسهم المنشأة و السندات، فإنهم غالبًا ما يكون هؤلاء الملاك قادرين على التأثير على قرار المنشأة بسبب حقوق التصويت الممنوحة من حيازة تلك الأسهم)،ويمكن للمساهمين تمويل المنشآت أو تقديم ضمانات، إضافة إلى أنه يمكن وصف ملكية المنشأة عن طريق المساهمين بأنها مناسبة للتخفيف من قضايا عدم تناسق المعلوماتAsymmetry والانتهازية Opportunismفي الأسواق المالية التي تجعل من الصعب الحصول على الموارد المالية اللازمة للنمو. وعادة ما تكون استثمارات المساهمين في المنشآت متنوعة مما يجعلها أكثر حيادية أمام المخاطر، ويمكن كذلك توفير مزايا مهمة من خلال ملكية المنشأة بما في ذلك التكنولوجيا والمعرفة التجارية والتنظيمية. وتلك التسهيلات والتمويل ضرورية للمنشآت لجلب ميزتها التنافسية إلى الأسواق الدولية.
النوع الثالث من الملكية وهو المزيج ويضم ملكية العائلة ومساهمين آخرين، حيث انه في بعض المنشآت العائلية تشارك العائلة رأس مال المنشأة مع مساهمين آخرين (مساهمين جدد). وهناك مزايا إيجابية لهذا النوع الملكية يمكن أن تتلخص بنتيجتين اثنتين هما: أولاً، يمكن لهذا النوع من الملكية أن يساعد المنشأة على بناء الموارد الإستراتيجية اللازمة للمنافسة في الأسواق الدولية وهذا يمكن المنشآت من الحصول على الموارد التي تفتقر إليها، بما في ذلك موارد التكنولوجيا ومهارات العمل وشبكات العملاء وما إلى ذلك، وبالتالي تكون في وضع أفضل في الأسواق. ثانيًا، يدعم هذا النوع الجديد من الملكية لهذه المنشآت إدخال آليات تهدف إلى تخفيف وحل تضارب المصالح الموجود تقليديًا في المنشآت العائلية، مع الأخذ بالاعتبار أن هذا النوع يتطلب برامج تنظيمية للسيطرة على فصل أنظمة العائلة وأنظمة الأعمال، لذلك عندما يكون من بين ملاك المنشأة العائلية مساهمين آخرين من خارج العائلة، فمن المرجح أن يشجع هذا المنشاة نحو التوسع في الأسواق الدولية.
ومن جانب آخر في تحليل الملكية بحثت الدراسات والمناهج الاقتصادية ظاهرة تأثير ملكية النساء، حيث أن الإدارة النسائية عادة ما يكون لديها فرص أقل لتطوير الخبرة ذات الصلة، ولديها اتصالات أقل ولديها صعوبة أكبر في تجميع الموارد. وتؤكد بعض الأدبيات أن المنشآت المملوكة للنساء كانت أكثر عرضة لمواجهة القيود المالية. كما أن النساء المالكات أقل احتمالية من المالكين الذكور لتحقيق أهداف اقتصادية فريدة. وذلك بسبب السلبيات التي تواجههم، وكذلك بسبب اختيارهن القطاعات الصناعية التي تضعهن كرائدات أعمال غير قادرات على الاستفادة من فرص السوق الأجنبية المحددة. وأخذت ملكية الأجانب كونهم من ضمن ملاك المنشآت اهتمام التحليلات والمناهج الاقتصادية وبحث تأثيره كعامل مهم يلعب دورًا في السوق الدولية. وقد بينت بعض التحليلات الاقتصادية أن الملكية الأجنبية أو المنشآت التي لديها واردات مباشرة من المدخلات لديها كثافة تصدير أعلى، وعلى الرغم من أن الدراسات التي ناقشت تأثير أنواع الملكية والوصول إلى إستراتيجية السوق الدولية نادرة نسبيًا إلا أن بعض المناهج الحديثة تشير إلى أن المساهمين عمومًا، والمستثمرين الأجانب على وجه الخصوص يشجعون التوسع الدولي في أنشطة المحافظ المالية للمنشآت التي يشاركون في ملكيتها، أيضا هناك تأثير إيجابي للمستثمرين الأجانب على المخاطرة الإدارية Managerial risk-taking ومدى انضمام المنشآت المحلية إلى السوق الدولية. وبينت المناهج الاقتصادية ان قدرًا كبيرًا من الاستثمار الأجنبي يمكن أن يوفر إمكانية الوصول إلى الموارد اللازمة لإعادة هيكلة الأنشطة الدولية وتحسينها.
ويعد تشجيع تحويل المنشآت العائلية في المملكة العربية السعودية إلى منشآت (عامة) مشتركة خطوة أخرى اتخذتها الحكومة في محاولة لبناء قاعدة صناعية قوية تدعم مساهمة المنتجات غير النفطية في إجمالي الصادرات. وتقدر مساهمة المنشآت العائلية في الاقتصاد بحسب تقديرات مجلس الغرف التجارية لعام 2019م بحوالي 810 مليار ريال سعودي، وهو ما يمثل أكثر من 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وأكثر من 53 في المائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي لعام 2019م. وتساهم الشركات العائلية في توظيف القوى العاملة، حيث وظفت تلك المنشآت العائلية قرابة 7.2مليون موظف وهو ما يشكل نسبة 52 في المائة من مجمل قوى العمل في البلاد. وتعمل الدولة على تحقيق المنافع الاقتصادية من خلال إعادة هيكلة مجموعات المنشآت العائلية. بحيث تحول المنشآت العائلية إلى منشآت مساهمة عامة وهو ما سيؤدى إلى مزيد من الالتزام من جانب العائلة والإدارة ومن أجل زيادة العوائد للمساهمين والنمو المستمر في المبيعات والأرباح، ويؤدي تحول المنشآت العائلية إلى منشآت عامة أيضًا إلى استمرار العمل لتطوير وجذب أفضل المواهب من خارج العائلة، وأخيرًا، يسهل هذا الإجراء أيضًا الوصول إلى مصادر التمويل ويعزز المركز التنافسي للمنشأة.
استنادا الى تحليلاتنا للعلاقة بين نسبة الصادرات الى إجمالي المبيعات، وهو ما يسمى بكثافة الصادرات وبالاعتماد على قاعدة بيانات تم جمعها من عينة من المنشآت التي اتخذت قرار التصدير بالمملكة، فقد بلغ متوسط كثافة الصادرات في العينة حوالي 23 في المائة، أي ان المنشآت تصدر بالمتوسط 23 في المائة من مبيعاتها الإجمالية الى خارج المملكة. وبالنظر لتأثير الملكية على معدل الصادرات – مع الأخذ بالاعتبار خصائص المنشأة الأخرى -فقد بينت نتائج التقديرات أن الملكية الفردية والشراكة المحدودة لها تأثير سلبي على كثافة التصدير على تلك النسبة، في حين أن المنشأة المملوكة بالمساهمة التي لها أسهم تتداول في السوق المالية لها تأثير إيجابي على كثافة التصدير. والتأثير الإيجابي للمنشأة المملوكة عن طريق المساهمين على كثافة التصدير له تداعيات وانعكاس انطلاقاً من حجم المنشأة الكبير الذي يسهل لها الوصول إلى مصادر المعلومات، والقدرة على مقاومة تأثير المخاطر الدولية، والقدرة على الحصول على المزيد من الأموال والقوى العاملة والموارد والمواد المتاحة، والتي تعد ضرورية لتطوير وتحسين برامج التصدير. وبينت النتائج أن وجود الإناث من بين ملاك المنشأة لهن تأثير سلبي على كثافة التصدير، وتعزى هذه النتيجة إلى أن الإناث بالأصل جزء من ملاك المنشأة العائلية، كما تكشف النتائج أن الملكية الأجنبية لا ترتبط بسلوك التصدير مما يعني أنها لا تؤثر على كثافة التصدير في نماذج المناهج المتبعة.
ولذلك تبرز الحاجة الى إعادة دراسة وتقييم بيئة المنشآت في المملكة سواء تلك التي لديها توجهات نحو التصدير او المنشآت التي تحجم عنه وتقديم البرامج والحوافز لتشجيعها ملاكها نحو زيادة معدلات التصدير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال