الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اذا ما نظرنا الى صندوق الاستثمار النرويجي، وهو بالمناسبة أكبر صندوق سيادي في العالم بمجموع أصول بلغت 1.3 تريليون دولار، وقمنا بالربط بين السياسات الاستثمارية للصندوق و التوجهات السياسية العامة للحكومة النرويجية، فسيكون من الصعب إيجاد رابط صريح بينهما.
انا بالطبع لا اجزم بأن ليس هناك رابط بين سياسة الصندوق النرويجي و التوجهات السياسية للحكومة، لكن نظرا الى سياسة الحكومة النروجية القائمة على الحيادية بوجه عام، كونها بعيدة عن مناطق الصراعات في العالم، فسيكون من الصعب الربط بين سياسة الحكومة النرويجية وتوجهات صندوقها الاستثماري السيادي.
شخصيا، لا اتذكر بأن قام صندوق الاستثمار النرويجي بسحب استثماراته من شركة أو دولة ما لتعارضها مع التوجهات الحكومية السياسية، مثال على ذلك ما حدث في شهر مايو الماضي عندما قرر الصندوق سحب استثماراته من شركتين إسرائيليتين بسبب نشاطاتهما التي تتعارض مع المعايير الأخلاقية للصندوق، وكان هذا بعيدا عن توجهات الحكومة النرويجية السياسية.
يلي الصندوق السيادي النرويجي في الترتيب، الصندوق السيادي الصيني بأصول تجاوزت 1تريليون دولار، وعلى العكس تماما من سياسة ادارة الصندوق النرويجي، نجد بأن هناك تناغم واضح بين التوجهات السياسة العامة للحكومة الصينية وإدارة استثمارات صندوقها السيادي. يبدو ذلك جليا إذا ما قمنا بالنظر إلى نوعية الاستثمارات الصينية طويلة الأمد في دول شرق قارة آسيا الفقيرة، ودول قارة افريقيا الأفقر.
استثمارات بالطرق، الموانئ، المطارات، البنى التحتية، وغيره من الاستثمارات الاستراتيجية الذي يجد الكثير من الاقتصاديين صعوبة في تحديد الجدوى الاقتصادية لمثل تلك المشاريع على المدى القصير والمتوسط. يعود ذلك الى كون الكثير من تلك الاستثمارات اقتصادية المظهر، سياسية الباطن.
حسب اطلاعي، انا شخصيا أجد بأن أغلب صناديق الاستثمار السيادية في العالم تقع في المنطقة الرمادية او المنطقة المحايدة، ما بين صندوق الاستثمار السيادي النرويجي الشبه مستقل، وصندوق الاستثمار السيادي الصيني التي تتحكم به الحكومة الصينية بصورة صريحة لخدمة أجندتها السياسية التوسعية.
فعند مراقبتنا الى توجهات الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم بوجه عام، سنجد على اقل تقدير نوع من التناغم بين التوجهات السياسية للدول و صناديقها الاستثمارية السيادية، وهذا بالأمر المتوقع و الطبيعي.
لكن ماذا لو بدأت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالتوقف عن غض النظر عن حجم التنسيق القائم بين الحكومات وصناديقها السيادية، و استيقظنا على خبر قانون جديد وملزم، يجرم التعاون والتنسيق المباشر بين الصناديق الاستثمارية السيادية للدول وتوجهاتها السياسية، قانون قد يترتب عليه عقوبات على تلك الدول، عقوبات تصل إلى حد مصادرة وتجميد استثماراتها بذريعة غياب الحيادية والاستقلالية في إدارة تلك الصناديق السيادية بعيدا عن التوجه السياسي العام للحكومات.
إذا ما حدث ذلك:
1- هل سيترتب على ذلك القرار انهيارات عالمية في قيمة الأصول نتيجة تسييلها، وبالتحديد في الدول النامية التي كانت لها الحصة الكبرى من استثمارات تلك الصناديق؟
2- هل سيصل الامر الى حدوث انهيارات اقتصادية في بعض الدول اثر انسحاب بعض الاستثمارات منها؟
3- هل ستشهد بعض الدول الغنية من أصحاب الصناديق السيادية تضخم اقتصادي نتيجة انحصار قنوات الاستثمار الخارجية؟
4- هل ستسعى بعض الدول لإيجاد قنوات استثمارية أخرى مختلفة للاستمرار في ضخ استثماراتها؟
5- هل سيتغير شكل الاستثمار الدولي بوجه عام ؟
6- هل ستقوم الدول بتمرير استثماراتها من خلال وسطاء جدد وهيئات مستحدثة؟
7- هل سيكون هناك قائمة قانونية دولية تحدد نوع الاستثمار المسموح به لتلك الصناديق السيادية؟
8- هل سيكون للعملات الرقمية دور في استيعاب استثمارات الصناديق من ما سيؤدي إلى تضخم اسعار تلك العملات؟
أسئلة أخرى كثيرة تستحق ان نتوقف عندها اذا ما حدث ذلك، وسنت القوانين المقننة لاستثمارات تلك الصناديق السيادية الخاضعة لحكومات دولها.
—————–
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال