الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أثرت التغيرات الداخلية والخارجية على الكثير من الكيانات والمؤسسات لتواكب التطلعات وتتماشى مع الاقتصاد والسياسات ذات العلاقة. ومن المهارات التي تُمكن الكيانات والمؤسسات من مواكبة هذه التطلعات هي الابتكار والتنبؤ بالمستقبل ووضع الخطط اللازمة والمرونة في التطبيق. ولكن هل التنبؤ بالمستقبل يكفي لضمان نجاح الاستثمارات والخطط الاستراتيجية، أو كما يقال أفضل الطرق للتنبؤ بالمستقبل هو صناعته؟
أولت قياداتنا العليا اهتماماً لا محدود في تنمية رأس المال البشري لصناعة المستقبل ولتحقيق رؤية 2030 وضمان استدامة التطور والتقدم لتحقيق ما بعد 2030. فقد أطلقت الكثير من المبادرات ولعل أحدثها هو برنامج تنمية القدرات البشرية من قبل سمو ولي العهد – حفظه الله – إيمانا بالعقول والإمكانيات والأيادي السعودية كمنافس أثبت نفسه محلياً وعالمياً.
أن تغيير مفهوم وفكر تنمية الأجيال والموارد البشرية بشكل عام من النظام الكلاسيكي الروتيني إلى مفهوم مرن وحديث أمر مهم لتمكين رأس المال البشري حسب المتغيرات الداخلية والخارجية. فالمجتمعات جزء من الدولة، والدولة جزء من العالم. حيث أن رأس المال البشري يعتبر من الأصول الغير الملموسة (Intangible Assets) وبالرغم من ذلك فإن تقدم الدولة يعتمد على هذا العنصر البشري. فالتقدم في مجال الهندسة والطاقة والروبوتات وغيرها من المهارات تعتمد على كفاءات المجتمع وتأسيسهم. لذا فإن الاستثمار في قدرات رأس المال البشري لصناعة المستقبل تعد من أفضل وأربح الاستثمارات. كما نعلم أن المال غالبا هو العنصر الأساسي للاستثمارات المالية، العقارية، التجارية وغيرها. في المقابل نجد رأس المال البشري العنصر الأساسي لنمو وازدهار هذه الاستثمارات، ولكن لابد من اتصاف هذا العنصر بالمهارات المختلفة لتحقيق التطور والمنافسة المحلية والعالمية. فلا ينمو ويزدهر الاقتصاد بلا قدرات بشرية مؤهلة للعمل في مجالات تتطلب مهارات مختلفة لتحقيق التطور والمنافسة العالمية. في نهاية المطاف القدرات البشرية هي من تصنع وتقوي من اقتصاد الدول!
كما ركز برنامج تنمية القدرات البشرية على القيم والكفاءات السلوكية وتنميتها لدى المجتمع لأهميتها وتأثيرها على تخطيط وتنفيذ الاستراتيجيات وقد تطرقنا إلى ذلك في مقالاتنا السابقة. فاكتساب الأجيال المهارات اللازمة محكومةً بقيم وكفاءات سلوكية تُمكنهم من تحقيق أعمال متميزة للمنافسة العالمية. ومن المميز في هذا البرنامج هو استهداف جميع شرائح المجتمع كمنظومة متكاملة. فالتعلم مدى الحياة يتيح للجميع خارج منظومة التعليم والتدريب اكتساب وإتقان المهارات والكفاءات الحديثة لتعزيز المشاركة المجتمعية والاقتصادية، وهذا التوجه بحد ذاته يؤثر إيجاباً على الأجيال الناشئة وغلق الفجوة ما بين الأجيال.
في الختام، الاستثمار في تنمية القدرات البشرية هو استثمار لصناعة المستقبل، إذا كان البعض يؤمن أن المال هو شريان الاستثمارات، فإن رأس المال البشري هو الكيان الذي يجعل هذا الشريان ينجح. تنمية القدرات البشرية هي بناء منظومة متكاملة ومتماسكة تبدأ منذ نشأة الفرد إلى مدى الحياة، والمواءمة بينهما تحتاج رؤية، عزيمة، إصرار، إخلاص بالعمل، وإيمان بما نملك لتحقيق مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
تحياتي،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال