الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالأمس صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظامين، الا وهما نظام التكاليف القضائية ونظام التنفيذ أمام ديوان المظالم. وهذه أحدث ما حصل لتطوير منظومة القضاء، والذي قطعت الدولة شوطاً في تطويره. قد يتوارد إلى ذهن البعض عن أهمية هذان النظامان في تطوير المنظومة القضائية.
عند التخطيط لإعادة هيكلة مؤسسات القضاء، يتم التركيز على ثلاث ركائز. اولا، رفع معدل المساءلة للقضاة. ثانيا، تبسيط الإجراءات القانونية للترافع أمام المحاكم للحصول على نتائج أكثر كفاءة. مثلا، على سبيل التبسيط، القضاء الالكتروني، إنشاء محاكم متخصصة، زيادة فروع المحاكم في الدولة، تقليل بعض الاجراءات الادارية الغير مهمة… الخ. ثالثا، زيادة موارد القضاء، وعند الحديث عن موارد القضاء، ليس المقصود فقط الموارد المالية، ولكن أيضا كفاءة العمل ورفع معدل الانتاجية وزيادة نسبة الرضا العام للمستفيدين من خدمات قطاع القضاء. حيث إن التركيز فقط على الموارد المالية لايعني قطعا انه هو الوسيلة لقضاء اكثر عدالة ونزاهة. على سبيل المثال، في الفلبين تم رفع الميزانية المخصصة لاعادة هيكلة قطاع القضاء وإصلاحه، الا ان هناك تقرير صادر عن مركز إدارة الموارد العامة، وهي مؤسسات المجتمع المدني الفلبيني، أن زيادة الميزانية لم يكفل اعادة هيكلة القضاء الفلبيني، وأنه لا زال هناك اقسام لاتعرف صلاحيتها بالتحديد مما يؤدي الى ازدواجية في تنفيذ المهام مما يؤدي الى انتشار الفساد في القضاء.
بناء على هذه الركائز الثلاث المذكورة أعلاه، هل فعلا المملكة تعتبر في الطريق الصحيح لاعادة هيكلة القضاء وتطوير المنظومة القضائية؟ لو تم تطبيق الركيزة الأولى ألا وهي المساءلة للقضاة، نجد ان أنظمة القضاء السابقة اهتمت بهذا الأمر، ولكن عملية المساءلة للقاضي ليست بالامر الهين، إذ إن القاضي يتمتع بحصانة ليكون محايدا في أحكامه قدر الإمكان. وبالتالي، متابعة ما إذا كان هناك قاض غير محايد في إصدار أحكامه لتحقيق مصالح شخصية سيكون أسهل في حالة كان القضاء برسوم. فالمحاكم تعج بالدعاوى الكيدية، وجزء من هذه الدعاوى قد لا يكتشف انها كيديه لسبب او لآخر، وهذا يعني انخفاض مستوى الرضا العام مما يؤدي الى خفض معدل الثقة بالقضاء من ناحية، وإعطاء الفرصة للتلاعب بالنظام لمن تسول له نفسه لتحقيق مصالح شخصية.
كذلك، بإصدار نظام التنفيذ أمام القضاء الاداري يعني أن من يملك سند تنفيذي ضد جهة ادارية سيتمكن من اخذ حقه. خصوصا، ان ميزان العلاقة بين المدعي والمدعى عليه في الدعاوى الادارية غير متوازن ويرجح لصالح الجهة الادارية لما تملكه من أدوات نظامية و سلطة ممنوحة لها بقوة القانون. وهذا الأمر يجعل الفرد الذي يملك سند تنفيذي ضد الجهة الادارية قليل الحيلة فيما يخص استرداد حقه. وبالتالي، وجود مثل هذا النظام بلا شك سوف يرفع معدل الثقة في القضاء، وسيترتب عليه ايضا مساءلة الاجهزة التي تماطل في تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها للموظفين المسؤولين عن التنفيذ داخل الجهاز الإداري.
وهذا الأمر فيه تطبيقا للركيزة الأولى والركيزة الثالثة، حيث إن تنفيذ الأحكام الصادرة من ديوان المظالم كان عائما ولا يوجد جهاز متخصص مهمته تنفيذ هذه الأحكام الادارية. ونجد الركيزة الثانية تتمثل في التقاضي الالكتروني، حيث انه قد ساعد في رفع معدل القضايا المنظورة أمام القضاء، سهل إجراءات التقاضي، وجعله يسيرا على معظم المستفيدين. بالتأكيد ان هناك بعض المشاكل التقنية، ولكن لا يمكن انكار ان النظام الالكتروني له دور في تقليل معدل الاجراءات الادارية التي قد يستغلها البعض لتحقيق مصالح اخرى. كذلك إنشاء المحاكم المتخصص، وزيادة فروع المحاكم في أنحاء المملكة تعد من وسائل تسهيل التقاضي.
الدولة تعمل بشكل جاد لتطوير منظومة القضاء في المملكة. وهذا ليس فقط على جانب هيكلته فقط، وإنما من جميع النواحي إداريا وقانونيا. حيث إن المملكة تعمل جاهدة لسد الثغرات القانونية من خلال التقنين للانظمة،و ايجاد حلول نظامية لتنفيذ الأحكام، تقليل عدد الدعاوى الكيدية بما لايضر مصالح الامن العام والاسرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال